للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِي. فَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَصِحُّ. وَيَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِقُوَّتِهَا. وَيُكَفِّرُ لِتَأْخِيرِ الْأُولَى. وَفِي الْمَعْذُورِ الْخِلَافُ. انْتَهَى.

الرَّابِعَةُ: لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ. {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهًا: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ. وَاخْتَارَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالصُّلْحِ عَنْ عِوَضِ الْمُتْلَفِ بِمُؤَجَّلٍ. وَلَمَّا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ؟ قَالَ: بِخَلْفِ الْمَوَاعِيدِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَّجَهٌ. وَتَقَدَّمَ الْخُلْفُ بِالْعَهْدِ فِي أَوَّلِ " كِتَابِ الْأَيْمَانِ ".

الْخَامِسَةُ: لَمْ يَزَلْ الْعُلَمَاءُ يَسْتَدِلُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. وَفِي الدَّلَالَةِ بِهَا غُمُوضٌ. فَلِهَذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: ٢٣] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٤] . وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ. فَإِنَّ " إلَّا " لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيقِ، وَ " أَنْ " الْمَفْتُوحَةَ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيقِ. فَمَا بَقِيَ فِي الْآيَةِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيقِ مُطَابَقَةً وَلَا الْتِزَامًا. فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِشَيْءٍ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؟ وَطُولُ الْأَيَّامِ يُحَاوِلُونَ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَا يَكَادُ يُتَفَطَّنُ لِوَجْهِ الدَّلِيلِ مِنْهَا. وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الِاسْتِثْنَاءُ، وَ " أَنْ " النَّاصِبَةُ لَا الشَّرْطِيَّةُ. وَلَا يَفْطِنُونَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ وَمَا هُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ؟ فَتَأَمَّلْهُ. فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ. وَهُوَ أَصْلٌ فِي اشْتِرَاطِ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْأَفْعَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>