قَوْلُهُ (فَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي، وَلَمْ يُعِدْ مَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ) . اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، فَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَتَارَةً يَكُونُ وَهُوَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ قَدْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ اجْتَهَدَ لِلصَّلَاةِ قَطْعًا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ وَهُوَ فِيهَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنْ يَعْمَلَ بِالثَّانِي وَيَبْنِيَ. نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ يَبْطُلُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ جِهَتُهُ الْأُولَى اخْتَارَهُ ابْنُ مُوسَى وَالْآمِدِيُّ لِئَلَّا يُنْقَضَ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ، ثُمَّ شَكَّ: لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَبَنَى كَذَا إنْ زَالَ ظَنُّهُ وَلَمْ يَبِنْ لَهُ الْخَطَأُ، وَلَا ظَهَرَ لَهُ جِهَةٌ أُخْرَى، وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خَطَأُ الْجِهَةِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا، وَلَمْ يَظُنَّ جِهَةً غَيْرَهَا: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ بَانَ لَهُ صِحَّةُ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ اسْتَمَرَّ، وَصَحَّتْ. وَإِنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا بَنَى، وَقِيلَ: إنْ أَبْصَرَ فِيهَا مَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ كَانَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ، وَفَرْضُهُ الِاجْتِهَادُ، وَلَمْ يَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى صَوَابِهِ بَطَلَتْ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خَطَأُ الْجِهَةِ الَّتِي يُصَلِّي إلَيْهَا، وَظَنَّ الْقِبْلَةَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ بَانَ لَهُ يَقِينُ الْخَطَأِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: اسْتَدَارَ إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَبَنَى، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَدَّمُوا أَحَدَهُمْ، ثُمَّ بَانَ لَهُمْ الْخَطَأُ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ: اسْتَدَارُوا وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ، وَإِنْ بَانَ لِلْإِمَامِ وَحْدَهُ، أَوْ لِلْمَأْمُومِينَ أَوْ لِبَعْضِهِمْ: اسْتَدَارَ مَنْ بَانَ لَهُ الصَّوَابُ، وَنَوَى بَعْضُهُمْ مُفَارَقَةَ بَعْضٍ إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا يَجُوزُ الِائْتِمَامُ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute