للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ: لَوْ اخْتَلَفَ خَصْمَانِ فِيمَنْ يَحْتَكِمَانِ إلَيْهِ. قُدِّمَ الْمُدَّعِي فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الدَّعْوَى. اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ إلَيْهِمَا. فَإِنْ اسْتَوَيَا: أُقْرِعَ بَيْنَهَا. وَقِيلَ: يُمْنَعَانِ مِنْ التَّخَاصُمِ حَتَّى يَتَّفِقَانِ عَلَى أَحَدِهِمَا. قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِقَوْلِنَا.

الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَجُوزُ لِكُلِّ ذِي مَذْهَبٍ أَنْ يُوَلِّيَ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ. ذَكَرَهُ فِي مَكَانَيْنِ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ: فَإِنْ نَهَاهُ عَنْ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ: احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ. وَقَالَ ذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى أَيْضًا، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ النَّاظِمُ:

وَتَوْلِيَةُ الْمَرْءِ الْمُخَالِفِ مَذْهَبَ ... الْمُوَلِّي أُجِزْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مُقَيَّدٍ

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَتَى اسْتَنَابَ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ لِكَوْنِهِ أَرْجَحَ، فَقَدْ أَحْسَنَ مَعَ صِحَّةِ ذَلِكَ. وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي " بَابِ الْوَكَالَةِ " وَيُتَوَجَّهُ جَوَازُهَا إذَا جَازَ لَهُ الْحُكْمُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ. وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ غَيْرِ إمَامِهِ. وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى أَنَّهُ: هَلْ يَسْتَنِيبُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، كَتَوْكِيلِ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ؟ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيُّ، صَاحِبُ الِانْتِصَارِ فِي الْحَدِيثِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَوَّزَ الْمُنَاقَلَةَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ. قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ بِجَوَازِ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَّا ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ. انْتَهَى.

الثَّالِثَةُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ الْقَضَاءَ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ. قَالَا: وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>