وَقَالَ: أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ. فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ. وَقَالَ فِي الْإِفْصَاحِ: الْإِجْمَاعُ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي خُطْبَةِ الْمُغْنِي: النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ. فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ، وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ. قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَا فَهِمَهُ هَذَا الْحَنَفِيُّ. انْتَهَى وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: وَمُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ. وَاخْتَارَ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ مُقَلِّدًا. قُلْت: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَإِلَّا تَعَطَّلَتْ أَحْكَامُ النَّاسِ وَقِيلَ فِي الْمُقَلِّدِ: يُفْتِي ضَرُورَةً. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ ابْنَ شَاقِلَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَكُونُ فَقِيهًا حَتَّى يَحْفَظَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ. فَقَالَ: إنْ كُنْت لَا أَحْفَظُهُ، فَإِنِّي أُفْتِي بِقَوْلِ مَنْ يَحْفَظُ أَكْثَرَ مِنْهُ. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يُقَلِّدُ الْإِمَامَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِمَنْعِهِ الْفُتْيَا بِلَا عِلْمٍ. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: ظَاهِرُهُ تَقْلِيدُهُ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَخْذِهِ طُرُقَ الْعِلْمِ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute