وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: مَا أَعِيبُ عَلَى مَنْ يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفْتِي بِهَا. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مِنْهُ مُبَالَغَةٌ فِي فَضْلِهِ. وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ: يُفْتِي غَيْرُ مُجْتَهِدٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى الْحَاجَةِ. فَعَلَى هَذَا: يُرَاعِي أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرَهَا، وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْكُمُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ. لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ. فَيُتَوَجَّهُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ الْخِلَافُ فِي مُجْتَهِدٍ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي أُصُولِهِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: مُخَالَفَةُ الْمُفْتِي نَصَّ إمَامِهِ الَّذِي قَلَّدَهُ كَمُخَالَفَةِ الْمُفْتِي نَصَّ الشَّارِعِ.
فَائِدَةٌ
يَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا، وَبِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا. وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ أَوْ عَلَيْهِ إجْمَاعًا. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَيَأْتِي قَرِيبًا شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُفْتِي.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَاتِبًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الشُّرُوطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute