فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي تَمْنَعُهُ مِنْ طَلَبِ الْحَقِّ كَامِلًا، أَمَّا كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، فِي الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْخِلَافِ، أَيْ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ لَا يُجِيزُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُوَلَّ بِأَكْثَرَ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَا يَجُوزُ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَجُوزُ إذَا كَانَ لَمْ يُوَلَّ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ وُلِّيَ الْحُكْمَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا: لَمْ يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ؛ لِعَدَمِ الْعُذْرِ، لَكِنْ تَعْلِيلُ قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَهُوَ أَنَّهُ مَنْ شَهِدَ بِأَلْفٍ فَقَدْ شَهِدَ بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَلَيْسَ كَاذِبًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ يُجِيزُهُ مُطْلَقًا، وَأَبُو الْخَطَّابِ لَمْ يُعَلِّلْ قَوْلَهُ فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ كَانَ رَأَى تَعْلِيلَهُ فِي كَلَامِهِ فِي غَيْرِ الْهِدَايَةِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ عَلَّلَهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَبَا الْخَطَّابِ قَصَدَ مَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ، وَأَرَادَ: الْجَوَازَ مُطْلَقًا.
وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ: الْجَوَازُ فِي صُورَةِ مَا إذَا لَمْ يُوَلَّ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَيَكُونُ كَوْنُهُ لَيْسَ كَاذِبًا فِي شَهَادَةٍ يَمْنَعُ الِاحْتِيَاجَ إلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ الْحُكْمِ، لِكَوْنِهِ لَا يَحْكُمُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، فَتَكُونُ الْعِلَّةُ الْمَجْمُوعَ، مَعَ أَنَّ كَلَامَ أَبِي الْخَطَّابِ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَحْتٍ، أَيْ قَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ ذَلِكَ، بِأَنْ كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُوَلَّ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، لَكِنْ النُّسَخُ بِالْفَاءِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ الْكَاتِبِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَأَمَّا صَاحِبُ الْوَجِيزِ: فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ظَنَّ الْمَفْهُومَ مَقْصُودًا، فَصَرَّحَ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا، وَلَكِنْ ارْتَكَبْنَاهُ لَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِمَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ. انْتَهَى.
كَلَامُ شَيْخِنَا، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ نَصْرُ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِالْخَمْسِمِائَةِ، وَكَانَ أَصْلُهَا بِأَلْفٍ، وَأَعْلَمُوا الْحَاكِمَ بِذَلِكَ: يَكُونُ حُكْمُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute