للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوْعٌ مِنْ الْجِهَادِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.

قَالَ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَطْلَقُوا الْقَوْلَ أَنَّ أَفْضَلَ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ، وَذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْشِئَهُ تَطَوُّعًا، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ عَلَيْهِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَإِذَا بَاشَرَهُ، وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ فَهَلْ يَقَعُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا غَيْرُهُ، وَانْبَنَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَوَازُ فِعْلِهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فَرْضًا، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِيهِ تَطَوُّعًا. كَمَا فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فَإِنَّهُ كَانَ نَفْلًا، ثُمَّ يَصِيرُ إتْمَامُهُ وَاجِبًا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَأَقْرَبُ الْعُلَمَاءِ إلَى اللَّهِ، وَأَوْلَاهُمْ بِهِ: أَكْثَرُهُمْ لَهُ خَشْيَةً. انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْجِهَادِ وَالْعِلْمِ أَفْضَلُ التَّطَوُّعَاتِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يَدْخُلُهُ رِيَاءٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَفْضَلُ مَا يَتَعَبَّدُ بِهِ الْمُتَعَبِّدُ الصَّوْمُ، وَقِيلَ: مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ أَفْضَلُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ: صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ فِي كُتُبِهِ، وَحَمَلَ الْمَجْدُ كَلَامَهُ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى هَذَا، وَكَذَا صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا، كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إذَا صَلَّى وَقَرَأَ وَاعْتَزَلَ فَلِنَفْسِهِ، وَإِذَا أَقْرَأَ فَلَهُ وَلِغَيْرِهِ، يُقْرِئُ أَعْجَبُ إلَيَّ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>