قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَالِمَ بِاَللَّهِ وَبِصِفَاتِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَالِمِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَعْلُومِهِ وَبِثَمَرَاتِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي خُطْبَةِ كِفَايَتِهِ: إنَّمَا تَشْرُفُ الْعُلُومُ بِحَسَبِ مُؤَدَّيَاتِهَا، وَلَا أَعْظَمَ مِنْ الْبَارِي فَيَكُونُ الْعِلْمُ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ وَمَا يَجُوزُ: أَجَلُّ الْعُلُومِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ، وَأَنَّ الذِّكْرَ بِالْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِلَا قَلْبٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَصْوَبُ الْأُمُورِ: أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يُطَهِّرُ الْقَلْبَ وَيُصَفِّيهِ لِلذِّكْرِ وَالْأُنْسِ فَيُلَازِمُهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَفْضِيلَ أَحْمَدَ لِلْجِهَادِ، وَالشَّافِعِيِّ لِلصَّلَاةِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ لِلذِّكْرِ، وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ أَفْضَلَ فِي حَالٍ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الِاعْتِنَاءُ بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَجَبٌ مِمَّنْ احْتَجَّ بِالْفُضَيْلِ، وَقَالَ: لَعَلَّ الْفُضَيْلَ قَدْ اكْتَفَى، وَقَالَ لَا يُثَبِّطُ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا جَاهِلٌ، وَقَالَ: لَيْسَ قَوْمٌ خَيْرًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَعَابَ عَلَى مُحَدِّثٍ لَا يَتَفَقَّهُ، وَقَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فَهِمًا فِي الْفِقْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَالَ أَحْمَدُ: مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ فِيهِ أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْ حِفْظِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي خُطْبَةِ الْمُذْهَبِ: بِضَاعَةُ الْفِقْهِ أَرْبَحُ الْبَضَائِعِ، وَالْفُقَهَاءُ يَفْهَمُونَ مُرَادَ الشَّارِعِ، وَيَفْهَمُونَ الْحِكْمَةَ فِي كُلِّ وَاقِعٍ، وَفَتَاوِيهِمْ تُمَيِّزُ الْعَاصِيَ مِنْ الطَّائِعِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ لَهُ: الْفِقْهُ عُمْدَةُ الْعُلُومِ، وَقَالَ فِي صَيْدِ الْخَاطِرِ: الْفِقْهُ عَلَيْهِ مَدَارُ الْعُلُومِ فَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَانُ لِلتَّزَيُّدِ مِنْ الْعِلْمِ فَلْيَكُنْ فِي التَّفَقُّهِ فَإِنَّهُ الْأَنْفَعُ، وَفِيهِ: الْمُهِمُّ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ هُوَ الْمُهِمُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute