الثَّالِثَةُ: لَوْ فَارَقَ وَطَنَهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ بِقُرْبٍ لِحَاجَةٍ: لَمْ يَتَرَخَّصْ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ عَلَيْهِ لِغَرَضِ الِاجْتِيَازِ بِهِ فَقَطْ، لِكَوْنِهِ فِي طَرِيقِ مَقْصِدِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمَجْدُ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا " يَقْصُرُ الْمُجْتَازُ عَلَى وَطَنِهِ " فَيَقْصُرُ هُنَا فِي خُرُوجِهِ مِنْهُ أَوَّلًا، وَعَوْدِهِ إلَيْهِ وَاجْتِيَازِهِ بِهِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكَافِي. انْتَهَى. وَإِذَا فَارَقَ أَوَّلًا وَطَنَهُ بِنِيَّةِ الْمُضِيِّ بِلَا عَوْدٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ الْعَوْدُ لِحَاجَةٍ فَتَرَخُّصُهُ قَبْلَ نِيَّةِ عَوْدِهِ جَائِزٌ. وَبَعْدَهَا غَيْرُ جَائِزٍ، لَا فِي عَوْدِهِ وَلَا فِي بَلَدِهِ حَتَّى يُفَارِقَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ: ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يَتَرَخَّصُ فِي عَوْدِهِ إلَيْهِ لَا فِيهِ، كَنِيَّةٍ طَارِئَةٍ لِلْإِقَامَةِ بِقَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُ. قَالَ الْمَجْدُ: وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إذَا دَخَلَ وَطَنَهُ، وَلَكِنْ يَقْصُرُ فِي عَوْدِهِ إلَيْهِ.
الرَّابِعَةُ: لَا يَنْتَهِي حُكْمُ السَّفَرِ بِبُلُوغِ الْبَلَدِ الَّذِي يَقْصِدُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَكْثَرِ. وَقِيلَ: بَلَى.
الْخَامِسَةُ: لَوْ سَافَرَ مَنْ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ مِنْ كَافِرٍ وَحَائِضٍ سَفَرًا طَوِيلًا، ثُمَّ كُلِّفَ بِالصَّلَاةِ فِي أَثْنَائِهِ، فَلَهُ الْقَصْرُ مُطْلَقًا فِيمَا بَقِيَ. وَقِيلَ: يَقْصُرُ إنْ بَقِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، وَإِلَّا فَلَا. وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
السَّادِسَةُ: لَوْ رَجَعَ إلَى بَلَدٍ أَقَامَ بِهِ إقَامَةً مَانِعَةً: تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حَتَّى فِيهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، لِزَوَالِ نِيَّةِ إقَامَتِهِ. كَعَوْدِهِ مُخْتَارًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: كَوَطَنِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute