فَائِدَةٌ: كُلُّ مَنْ جَازَ لَهُ الْقَصْرُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ، وَلَا عَكْسَ. لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَقَدْ يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهُمَا مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا فَيُفْطِرُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ. أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَقِيلٍ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْفِطْرَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَقَدْ يُعَايَى بِهَا. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ: أَنَّ مَنْ قَصَرَ جَمَعَ. لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ. قَالَ: وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَمْعِ لَا يَجْمَعُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ: لَهُ الْجَمْعُ، لَا مَا زَادَ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: إذَا لَمْ يَجْمَعْ إقَامَةً لَا يَقْصُرُ، لِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ؟ فَقَالَ: لَا يُسَلَّمُ هَذَا، بَلْ لَهُ الْجَمْعُ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَلْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَنْ قَصَرَ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ هُوَ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يَفْسَخْ، أَوْ يَنْوِي الْإِقَامَةَ، أَوْ يَتَزَوَّجُ، أَوْ يَقْدِرُ عَلَى أَهْلٍ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ، وَالْمَسْحُ، ثَلَاثًا، وَالْفِطْرُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فَإِنْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا. وَخَرَجَ عَنْ رُخْصَةِ السَّفَرِ، وَيَسْتَبِيحُ الرُّخْصَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ إذَا نَوَى مَا دُونَهَا.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَالْمَلَّاحُ الَّذِي مَعَهُ أَهْلُهُ، وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بِبَلَدٍ لَيْسَ لَهُ التَّرَخُّصُ) أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَهْلُهُ: لَهُ التَّرَخُّصُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمَلَّاحِ وَمَنْ فِي حِكْمَةِ كَوْنُ أَهْلِهِ مَعَهُ، فَلَا يَتَرَخَّصُ وَحْدَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ خِلَافُ نُصُوصِهِ. فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي، وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ مَعَ عَدَمِ التَّرَخُّصِ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: لِتَفْوِيتِ رَمَضَانَ بِلَا فَائِدَةٍ، لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي السَّفَرِ، وَكَمَا تَقْعُدُ امْرَأَتُهُ مَكَانَهَا كَمُقِيمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute