للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام. لا تبقينّ في المسجد خوخة إلا خوخه أبي بكر «٦» ، وإني فرط لكم، وأنا شهيد عليكم وإني والله ما أخاف أن تشركوا من بعدي، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها» «٧» .

وعاد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى بيته، وما هو إلا أن اشتد به وجعه، وثقل عليه مرضه.

روت عائشة رضي الله عنها قالت: «قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلم في مرضه: ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك، حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنّى متمنّ ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» «٨» . وروى ابن عباس رضي الله عنه قال: «لما اشتد برسول الله صلّى الله عليه وسلم المرض، قال لرجال كانوا في البيت: هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، فقال بعضهم: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قرّبوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: قوموا» «٩» .

ولم يعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم يطيق الخروج إلى الصلاة مع الناس، فقال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف (رقيق) وإنه إذا قام مقامك لم يكد يسمع الناس، فقال: «إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس» «١٠» .

فكان أبو بكر هو الذي يصلي بالناس بعد ذلك، وخرج النبي صلّى الله عليه وسلم خلال ذلك مرة- وقد شعر بخفة- فأتى فوجد أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس، فاستأخر أبو بكر، فأشار إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن كما أنت، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو جالس، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر «١١» .


(٦) هو الباب الصغير بين البيتين. والحديث إلى هنا متفق عليه واللفظ لمسلم.
(٧) متفق عليه.
(٨) رواه مسلم في باب فضل أبي بكر: ٧/ ١١٠ وروى البخاري نحوه.
(٩) رواه البخاري في باب مرض النبي ووفاته: ٥/ ١٣٨
(١٠) متفق عليه.
(١١) رواه البخاري في كتاب الصلاة باب من أقام إلى جنب الإمام لعلة، ومسلم في كتاب الصلاة باب استخلاف الإمام. ومالك في الموطأ كتاب صلاة الجماعة باب صلاة الإمام وهو جالس، وغيرهم. ومن العجب أن الشيخ ناصرا أخرج هذا الحديث في تخريجه لأحاديث كتاب فقه السيرة للغزالي، فعزاه إلى الإمام أحمد وابن ماجه فقط. وزاد على هذا أن أخذ يحقق في نسبة ضعف إليه بسبب أن فيه أبا إسحاق السبيعي. مع أن الحديث متفق عليه وله طرق غير هذا الذي اهتم بتحقيقه!. اللهم إلا أن رواية أحمد وابن ماجه فيها «واستفتح من الآية التي بلغها أبو بكر» وليس في رواية الشيخين هذه الجملة.

<<  <   >  >>