أما نسبه صلّى الله عليه وسلم، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، ويدعى شيبة الحمد، ابن هاشم بن عبد مناف واسمه المغيرة، ابن قصيّ ويسمى زيدا، ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان.
فهذا القدر المتفق عليه من نسبه الشريف صلّى الله عليه وسلم، أما ما فوق ذلك فمختلف فيه، لا يعتمد عليه في شيء. غير أن مما لا خلاف فيه أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله ابن إبراهيم خليل الله عليهما الصلاة والسلام، وأن الله عز وجل قد اختاره من أزكى القبائل وأفضل البطون وأطهر الأصلاب، فما تسلل شيء من أدران الجاهلية إلى شيء من نسبه.
روى مسلم بسنده عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى هاشما من قريش واصطفاني من بني هاشم» .
وأما ولادته صلّى الله عليه وسلم فقد كانت في عام الفيل، أي العام الذي حاول فيه أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة فرده الله عن ذلك بالآية الباهرة التي وصفها القرآن. وكانت على الأرجح يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول.
وقد ولد يتيما، فقد مات أبوه عبد الله وأمه حامل به لشهرين فحسب فعني به جده عبد المطلب واسترضع له- على عادة العرب إذ ذاك- امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب.
وقد أجمع رواة السيرة أن بادية بني سعد كانت تعاني إذ ذاك سنة مجدبة قد جفّ فيها الضرع ويبس الزرع، فما هو إلا أن صار محمد صلّى الله عليه وسلم في منزل حليمة واستكان إلى حجرها وثديها حتى عادت منازل حليمة من حول خبائها ممرعة مخضرّة فكانت أغنامها تروح منها عائدة إلى الدار شباعا ممتلئة الضرع.