للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندئذ تسوروا عليه الدار، وسقطوا عليه من أعلى المنزل، وأقبلوا عليه تتناوشه سيوفهم حتى قتلوه.. وبلغ الخبر عليا رضي الله عنه فأقبل مغضبا، وقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ورفع يده فلطم الحسن وضرب صدر الحسين وشتم محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير.

وهكذا، فقد كان مقتل عثمان بابا لسلسلة من الفتن امتدت حلقاتها إلى غير نهاية.

مبايعة عليّ والبحث عن قتلة عثمان:

خرج عليّ رضي الله عنه من دار عثمان مغضبا لما قد وقع، وجاءه الناس يهرعون إليه وقالوا له: لابدّ لنا من أمير، فمدّ إلينا يدك نبايعك. فقال لهم عليّ: ليس ذلك إليكم، وإنما ذلك إلى أهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو خليفة. فلم يبق أحد من أهل بدر إلّا أتى عليا، فقالوا له:

ما نرى أحدا أحقّ بها منك، مدّ يدك نبايعك، فبايعوه.

وما أن استتب الأمر لعليّ وتمت مبايعته، حتى هرب مروان وولده. وجاء عليّ إلى امرأة عثمان يسألها عن قاتلي عثمان، فقالت: لا أدري، دخل عليه رجلان لا أعرفهما ومعهما محمد بن أبي بكر، فدعا عليّ محمدا فسأله عما ذكرته امرأة عثمان، فقال محمد: لم تكذب قد والله دخلت عليه وأنا أريد قتله، فذكّرني أبي فقمت عنه، وأنا تائب إلى الله تعالى، والله ما قتلته ولا أمسكته.

فقالت امرأته: صدق، ولكنه أدخلهما.

وأخرج ابن عساكر عن كنانة مولى صفية وغيره، قالوا: قتل عثمان رجل من أهل مصر، أزرق أشقر.

وأخرج ابن عساكر أيضا عن أبي ثور الفهمي، قال: دخلت على عثمان وهو محاصر، فقال:

لقد اختبأت عند ربي عشرا، إني لرابع أربعة في الإسلام، وجهزت جيش العسرة، وأنكحني رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابنته، ثم توفيت فأنكحني ابنته الأخرى، وما تغنيت، ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وما مرت بي جمعة منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة، إلا أن يكون عندي شيء فأعتقها بعد ذلك، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قط، ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام قط، ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

والصحيح أن قتل عثمان كان في أوسط أيام التشريق من عام خمسة وثلاثين.

[العبر والعظات:]

أولا- من أهم الفضائل والمزايا التي يتسم بها عهد عثمان، كثرة الفتوحات واتساعها في هذا العهد، فقد فتحت خراسان كلها، وفتحت أفريقيا، وامتدّ الفتح إلى الأندلس. هذا إلى جانب أعمال جليلة أخرى، قام بها عثمان، كجمعه الناس على الرسم القرآني الموثق، بعد أن سرت العجمة

<<  <   >  >>