للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الروم. ولما وصل أسامة بجيشه إلى بلاد الروم حيث قتل أبوه، قاتلوهم، ونصرهم الله عليهم، ثم عادوا ظافرين «٢» .

ثانيا- جهّز الجيوش لقتال أهل الرّدة ومانعي الزكاة، وعقد أحد عشر لواء، وأمر صاحب كل لواء بالتوجه إلى جهة، وتوجه هو على رأس لواء إلى (ذي القصة) . ولكن عليا رضي الله عنه أصرّ عليه وناشده أن يرجع، وقال له- وقد أمسك بزمام راحلته-: يا خليفة رسول الله أقول لك ما قال رسول الله يوم أحد: لمّ سيفك وأمتعنا بنفسك. فو الله لئن نكب المسلمون بك لن تقوم لهم قائمة من بعدك. فعاد أبو بكر وكلّف باللواء غيره «٣» .

وقد أيّد الله المسلمين وانقطع دابر الارتداد، واستقر الإسلام في أنحاء الجزيرة، وخضعت القبائل لدفع الزكاة.

ثالثا- جهّز الصدّيق رضي الله عنه خالدا إلى العراق، وبعث معه المثنى بن حارثة الشيباني، ففتحوا بلادا كثيرة، وعادوا منتصرين غانمين.

رابعا- حدثته نفسه بغزو بلاد الروم، فجمع الصحابة وشاورهم في ذلك، فاستصوبوا رأيه فالتفت إلى عليّ وقال له: ما ترى يا أبا الحسن؟ فقال أرى أنك مبارك الأمر مفوق منصور إن شاء الله، فسرّ لذلك أبو بكر وشرح الله صدره للأمر. فجمع الناس وقام خطيبا فيهم يحثّهم على الجهاد، وكتب كتبا إلى الولاة وأمرهم بالحضور، فاجتمع جمع كبير وأقبلت القبائل أفواجا، فعقد أبو بكر الألوية وأمّر الأمراء وبعثهم إلى الشام متتابعين، وجعل أبا عبيدة أميرا على الجيوش، وكلما اتجه أمير يودعه ويوصيه بتقوى الله وحسن الصحبة والمواظبة على الصلوات بالجماعة في أوقاتها، وأن يصلح كل منهم نفسه حتى يصلح الله له الناس، وأن يكرموا رسل العدوّ إذا قدموا عليهم، وأن يعملوا على تقليل لبثهم عندهم حتى يخرجوا من عسكرهم وهم جاهلون بأمر المسلمين..

وتوجه المسلمون إلى بلاد الروم.. واجتمعوا في اليرموك، وأرسلوا إلى أبي بكر يخبرونه بكثافة جموع الروم، فكتب رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد بالعراق يأمره بالتوجه إلى الشام، وأن يأخذ نصف الجيش المرابط في العراق ليكون ردءا لجيش أبي عبيدة، وأن يستخلف على النصف الباقي المثنى بن حارثة، وأمره أن يتولّى جيوش الشام بمجرد أن يصل إليها.

فسار خالد حتى وصل إلى المسلمين في الشام، وكتب كتابا لأبي عبيدة يقول له فيه: أما بعد، فإني أسأل الله لي ولك الأمن يوم الخوف، والعصمة في دار الدنيا من كل سوء. فقد أتاني كتاب خليفة رسول الله يأمرني فيه بالمسير إلى الشام وبالقيام على جندها والتولي لأمرها. وو الله


(٢) باختصار عن البداية والنهاية: ٦/ ٣٠٤ وما بعد.
(٣) رواه ابن كثير في البداية والنهاية، من حديث عبد الله بن عمر ومن حديث عائشة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>