الصحيح كله على ابن الزبيدي، وسمع من الناصح بن الحنبلي، وسالم بن صصري، وجعفر الهمداني، والشيخ الضياء، وجماعة. وأجاز له ابن روزبة وأقرانه من بغداد. وحج ثلاث مرات. وأضر قبل موته بأعوام، وثقل سمعه. ولكن كان زاد همه وجلادة وفهم. وله عبادة وأذكار. وقد حدث في زمان والده. وروى عنه ابن الخباز، وابن نفيس، والقدماء. وحدث بالصحيح غير مرة، وسمع منه الخلق، وانتهى إليه علو الإسناد، كوالده في زمانه. وعاش كأبيه ثلاثاً وتسعين سنة. وتوفي رحمه الله تعالى ليلة الجمعة تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان عشرة وسبعمائة. وكانت جنازته مشهورة.
أبو بكر بن عبد الرحمن: بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي. أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. وكنيته إسمه. وكان من سادات التابعين. ويسمى راهب قريش. وجده الحارث اخو أبي جهل بن هشام من جملة الصحابة رضي الله عنهم. ولد في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وتوفي رحمه الله تعالى في سنة أربع وتسعين للهجرة. وهذه السنة تسمى سنة الفقهاء، لأنه مات فيها جماعة منهم. وهؤلاء الفقهاء السبعة كانوا بالمدينة في عصر واحد. وعنهم انتشر العلم والفتيا في الدنيا. وقد جمعهم بعض الشعراء في بيتين، فقال:
ألا كل من لا يقتدى بأئمة ... فقسمته ضيري عن الحق خارجه
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد سليمان أبو بكر خارجه
وإنما قيل لهم الفقهاء السبعة، لأن الفتوى بعد الصحابة رضي الله عنهم صارت إليهم، وشهروابها. وكان في عصرهم جماعة من العلماء. مثل سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم وأمثاله. ولكن الفتوى لم تكن إلا لهؤلاء السبعة. وكان لأبي بكر عدة إخوة وهو أجلهم.