أخرج لسانه، فضرب به أنفه، كأنه لسان شجاع بطرفه شامة سوداء، ثم ضرب به ذقنه، وقال: لأفرينهم فري الأديم فصب على قريش منه شآبيب شر. فقال: اهجهم كأنك تنضحهم بالنبل: فهجاهم. فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: لقد شفيت يا حسان وأشفيت. وعن النبي صلى الله عليه وسلم. ذاك حاجز بيننا وبين المنافقين. لا يحبه إلا مؤمن. ولا يبغضه إلا منافق. وعن محمد بن سيرين. قال: كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، جماعة من قريش. عبد الله بن الزبعري، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعمرو بن العاص. فقال حسان: يا رسول الله إئذن لي في الرد عليهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فكيف وهو مني. فقال: والله لأسلنك منه، كما تسل الشعرة من العجين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حسان، فأت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك. فأتاه فقال له. كف عن فلانة، واذكر فلانة، فقال حسان رضي الله عنه:
هجوت محمداً فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء
أتهجوه ولست له بكفء ... فشر كما لخير كما لفداء
قلت: قال علماء الأدب. هذا أنصف بيت قالته العرب. ولما ورد وفد تميم على النبي صلى الله عليه وسل للمفاخرة. وقام خطيبهم الزبرقان. وقال ما قال. وقام خطيب النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس. وقال ما قال. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى حسان، فجاءه فأمره أن يحييه على الأبيات العينية وهي مشهورة. قال حسان يحيبه عن ذلك. ثم قام عطارد بن حاجب. فقال:
أتيناك كيما يعلم الناس فضلنا ... إذا اجتمعوا وقت احتضار المواسم
بأنا فروع الناس في كل موطن ... وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
فقام حسان رضي الله عنه فقال:
منعنا رسول الله من غضب له ... على أنف راض من معد وراغم
هل المجد إلا السؤدد الفرد والندى ... وجار الملوك واحتمال العظائم
فقال الأقرع بن جابس: والله! إن هذا الرجل لمؤتىً له. والله! لشاعره أشعر من شاعرنا. ولخطيبه أمهر من خطيبنا. وأصواتهم أرفع من أصواتنا. اعطني يا محمد. فأعطاه. فقال: زدني. فزاده. فقال: اللهم إنه سيد العرب. فنزلت فيهم إن الذين