ينادونك من وراء الحجرات. ثم إن القوم اسلموا. وفي حديث الرسول الذي وجهه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، إلى هرقل. أنه بعد ما ودعه. قال له: هرقل ألقيت جبلة ابن الأيهم؟ وكان قد دخل إليهم. وتنصر عندهم. وكان حسان، ممن يفد عليه ويمدحه بالشام. وله فيه تلك القصيدة اللامية. التي أولها:
أسألت رسم الدار أم لم تسأل ... بين الجواني فالنصيع فحومل
يقول فيها:
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول
فقال له لا. فقال: القه. فجاء إليه. فوجد ما هو فيه من الرفاهية والعيش. والقصة مشهورة. فسأله عن حسان أحي هو. قال؟ نعم. فأمر له بمال وكسوة. ونوق موقرة براً. ثم قال له: إن وجدته حياً، فادفعها إليه. وإن وجد ميتاً، فادفعها إلى أهله. وانحر الجمال على قبره. فلما قدم الرسول على عمر رضي الله عنه. ذكر له حديث حسان. فبعث إليه فأتى، وقد كف بصره، وقائد يقوده. فلما دخل. قال: إني أجد ريح آل جفنة عندك. قال: نعم. هذا رجل أقبل من عنده. قال: هات يا ابن أخي ما بعث إلي معك. فقال: ومن أعلمك بهذا. قال: يا ابن أخي إنه كريم من عصبة كرام. مدحته في الجاهلية، فحلف أن لا يلقى أحداً يعرفني إلا أهدى إلي معه شيئاً فدفع إليه المال والثياب. وأخبره بما كان أمره في الجمال. فقال: وددت لو كنت ميتاً فنحرت على قبري. وقال أبو عبيدة: فضل حسان الشعراء بثلاث. كان شاهر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام، وشاعر اليمن كلها، وكان اشعر أهل المدر. وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: في سنة أربع وخمسين. توفي حكيم بن حزام، وحويطب بن عبد العزي، وسعيد بن يربوع المخزومي، وحسان بن ثابت. قال: ويقال إن هؤلاء الأربعة ماتوا وقد بلغ كل واحد منهم عشرين ومائة سنة. وقال الشيخ شمس الدين الذهبي: الذي بلغنا أن حساناً، وأباه، وجده، وجد أبيه، عاش كل منهم مائة وعشرين سنة.