الهر، وعرض به في أبيات منها لصحبة كانت بينهما، وقيل إنما كنى بالهرعن المحسن ابن الفرات. أيام محنته، لأنه لم يجسر أن يذكره ويرثيه. وقيل إن جارية لعلي بن عيسى هويت غلاماً لأبي بكر ففطن بهما. فقتلا جميعاً، وسلخا وحشيت جلودهما تبناً. فقال مولاه أبو بكر يرثيه:
يا هر فارقتنا ولم تعد ... وكنت مني بمنزل الولد
فكيف ننفك عن هواك وقد ... كنت لنا عدة من العدد
وتخرج الفار من مكامنها ... ما بين مفتوحها إلى السدد
يلقاك في البيت منهم مدد ... وأنت تلقاهم بلا مدد
لا عدد كان منك منفلتاً ... منهم ولا واحد من العدد
لا ترهب الصيف عند هاجرة ... ولا تهاب الشتاء في الجمد
وكان يجري ولا سداد لهم ... أمرك ما بيننا على السدد
حتى اعتقدت الأذى لجيرتنا ... ولم تكن للاذى بمعتقد
وحمت حول الردى بظلمهم ... ومن يحم حول حوضه يرد
وكان قلبي عليك مرتعداً ... وأنت تنساب غير مرتعد
تدخل برج الحمام متئداً ... وتبلغ الفرخ غير متئد
وتطرح الريش في الطريق لهم ... وتبلع اللحم غير مزدرد
أطمعك الغي لحمها فرأى ... قتلك أصحابها من الرشد
حتى إذا راموك واجتهدوا ... وساعد النصر كيد مجتهد
كادوك دهر وقعت وكم ... أفلت من كيدهم ولم تكد
فحين أخفرت وانهمكت وكا ... شفت وأسرفت غير مقتصد
صادوك غيظاً عليك وانتقموا ... منك وزادوا ومن يصد يصد
ثم شفوا بالحديد أنفسهم ... منك ولم يرعوا على أحد
ومنها:
فلم تزل للحمام مرتصداً ... حتى سقيت الحمام بالرصد
لم يرحموا صوتك الضعيف كما ... لم ترث منها لصوتها الغرد
أذاقك الموت ربهن كما ... أذقت أفراخه يداً بيد
كأن حبلاً حوى بجودته ... جيدك للخنق كان من مسد
كأن عيني تراك مضطرباً ... فيه وفي فيك رغوة الزبد