وباحثوه. فلم ينته. فمنعه الحاكم من الإقراء بذلك، وأمره بموافقة الجمهور. فتألم وامتنع من الإقراء بالجامع. وجلس للإفادة، وازدحم عليه المقرئون وأخذوا عنه، وأقرأ العربية. وله ملك يقوم بمصالحه، ولم يتناول من الجهات درهماً ولا طلب جهةً مع كمال أهليته. قال: وذهنه متوسط لا باس به. ثم ولى بلا طلب مشيخة التربة الصالحية، بعد مجد الدين التونسي، بحكم أنه أقرا من دمشق في زمانه. قلت: وأجاز لي رحمه الله تعالى جميع ما صنفه ونظمه وسمعه. وكتب لي خطه بذلك، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وأنشدني رضي الله عنه لنفسه إجازةً:
كلما اخترت أن ترى يوسف الحسن ... فخذ في يمينك المرآة
وانظرن في صفائها تبصرنه ... وارحمن من لاجل ذا الحسن باتا
لا يذوق الرقاد شوقاً إليه ... قلق القلب لا يطيق ثباتا
وأنشدني له أجازةً أيضاً، في مليح دخل الحمام مع عمه، فلما جعل السدر على وجهه قلب الماء عليه شخص اسود، كان هناك:
وبروحي ظبي على وجهه السدر ... وقد أغمض الجفون لذلك
قائلاً عند ذاك حين أتاه ... يسكب الما عليه اسود حالك
من ترى ذا الذي يصب أعمى ... قلت بل ذا الذي يصب كخالك
قلت: وقد حقق الشيخ بدر الدين رحمه الله تعالى ما قيل عن شعر النحاة من الثقالة. على أنني ما أعتقد أن أحداً أرضى لنفسه أن ينظم هكذا. والذي أظنه به رحمه الله تعالى أنه تعمد هذا التركيب القلق. إلا فما في طباع أحد يعاني النظم هذا التعسف، ولا هذه الركة. ولكن المعاني جيدة، كما تراها. محمد بن أحمد: بن عثمان بن قايماز. الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ شمس الدين، أبو عبد الله الذهبي. حافظ لا يجارى، ولافظ لا يبارى. أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله. وعرف تراجم الناس، وأزال الإيهام في تواريخهم والإلباس. مع ذهن يتوقد ذكاؤه، ويصح إلى الذهب نسبته وإنتماؤه. جمع الكثير ونفع الجم الغفير،