للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكثر من التصنيف، ووفر بالاختصار مؤونة التطويل في التأليف. وقف الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني على تاريخه الكبير، المسمى تاريخ الإسلام، جزأ بعد جزأ، إلى أن أنهاه مطالعة، وقال: هذا كتاب علم.

اجتمعت به وأخذت عنه وقرأت عليه كثيراً من تصانيفه. ولم أجد عنده جمود المحدثين، ولا كوذنة النقلة. بل هو فقيه النظر، له دربة بأقوال الناس، ومذاهب الأئمة من السلف، وأرباب المقالات. أعجبني ما يعانيه في تصانيفه من أنه لا يتعدى حديثاً يورده حتى يبين ما فيه من ضعف متن أو ظلام إسناد أو طعن في رواة. وهذا لم أر غيره يعاني هذه الفائدة فيما يورده. وتوفي رحمه الله تعالى ليلة الإثنين ثالث ذي العقدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. ودفن في مقابر باب الصغير.

أخبرني العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي السبكي الشافعي، قال: عدته ليلة مات. فقلت له: كيف تجدك؟ فقال: في السياق. وكان قد أضر رحمه الله تعالى، قبل موته بأربع سنين أو أكثر، بماء نزل في عينيه. فكان يتأذى ويغضب، إذا قيل له: لو قدحت هذا الرجع إليك بصرك. ويقول: ليس هذا بماء، وأنا أعرف بنفسي. لأنني ما زال بصري ينقص قليلاً قليلاً إلى أن تكامل عدمه. وأخبرني عن مولده فقال: في ربيع الآخر سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وارتحل وسمع بدمشق، وبعلبك، وحمص، وحماه، وحلب، وطرابلس، ونابلس، والرملة، وبلبيس، والقاهرى، والاسكندرية، والحجاز، والقدس، وغير ذلك.

ومن تصانيفه: تاريخ الإسلام. وقد قرأت منه عليه المغازي، والسيرة النبوية، إلى آخر ايام الحسن رضي الله عنه، وجميع الحوادث إلى آخر سنة سبعمائة. والثلاثين البلدية. ومن تكلم فيه وهو موثق وقد كتبتهما بخطى وقرأتهما عليه. وتاريخ النبلاء. والدول الإسلامية. وطبقات القراء وسماه القراء الكبار على الطبقات والأعصار. تناولته منه وأجازني روايته عنه وكتبت عليه:

عليك بهذه الطبقات فاصعد ... إليها بالثنا إن كنت راق

تجدها سبعة من بعد عشر ... كنظم الدر في حسن اتفاق

تجلى عنك ظلمة كل جهل ... به أضحى مقالك في وثاق

فنور الشمس أحسن ما تراه ... إذا ما لاح في السبع الطباق

وطبقات الحفاظ، مجلدان. وميزان الإعتدال في الرجال، في ثلاثة أسفار. كتاب

<<  <   >  >>