الدنيا. والله لوددت أن الله وهب لي كنه محبته ولم يبق مني جارحة لا أخذها! قال رجل للقاسم بن محمد، وقد ذهب بصره: لقد سلبت أحسن وجهك. قال: صدقت غير أني منعت النظر إلى ما يلهى، وعوضت الفكرة في العمل فيما يجدي.
قال حكيم: إياك أن تحك بثرة وإن زعزعتك، واحفظ أسنانك من القار بعد الحار والحار بعد القار، وأن تطيل النظر في عين رمدة وبئر عادية، واحذر السجود على خصفة جديدة حتى تمسحها بيدك. فرب شظية حقيرة فقأت عيناً خطيرة.
أنس رضي الله عنه رفعه: من قاد أعمى أربعين خطوة لم تمسه النار.
كتب مبارك أخو سفيان الثوري إليه يشكو ذهاب بصره. فكتب إليه سفيان: أما بعد. فقد فهمت كتابك فيه شكاية ربك. فاذكر الموت يهن عليك ذهاب بصرك. والسلام.
ذكر الإمام فخر الدين رحمه الله تعالى في كتاب أسرار التنزيل عند ما ذكر الفتوة أن رجلاً تزوج امرأة. وقبل الدخول بها، ظهر بالمرأة جدري أذهب عينها. فقال: الرجل ظهر في عيني نوع ضعف وظلمه.
ثم قال: عميت. فزفت إليه المرأة. ثم إنها ماتت بعد عشرين سنة. ففتح الرجل عينيه. فقيل له في ذلك. فقال: ما عميت ولكن تعاميت حذراً أن تحزن المرأة. فقيل له سبقت الفتيان.
وقال حكي عن الشبلي أنه قال: خطر ببالي أني بخيل ولئيم فقلت أجرب نفسي: فنويت أن كلّ ما آخذه اليوم أهبه لأي شخص أراه أولاً. ثم إنه جاء خادم في الحال من دار الخلافة ووضع عندي صرة فيها خمسون ديناراً فأخذتها وخرجت فرأيت حجاماً يحلق رأس أعمى. فدفعتها إلى الأعمى. فقال الأعمى: ادفعها إلى هذا الحجام: فقال الحجام أنا نويت حلق رأس هذا الأعمى لله. فقلت: إنها ذهب. فقال الأعمى ما هذا البخل؟ ثم أخذها ودفعها إلى الحجام. فقال الحجام أنا نويت حلق رأس هذا الأعمى لله: ولا آخذ الذهب. والحاصل إن ذلك الذهب ما قبله الأعمى ولا الحجام.
ونقلت من بعض المجاميع: قال بعض السادة: كنا في جنازة وحضرها معنا الشيخ أبو بكر الضرير. وبين يدي الجنازة صبيان يبكون ويقولون: من لنا بعدك يا أبة فلما سمعهم أبو بكر يقولون ذلك قال الذي كان لأبي بكر الضرير. فسألته عن سبب ذلك. فقال: كان أبي من فقراء المسلمين وكان يبيع الخزف. وكانت لي أخت أسن مني