للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجسر الناس على خوضه ... إذ كان في النحو قد استبحرا

من بعده قد حال تمييزه ... وحظه قد رجع القهقرى

شارك من قد ساد في فنه ... وكم له فن به استاثرا

داب بني الآداب أن يغسلوا ... بدمعهم فيه بقايا الكرى

والنحو قد سار الردى نحوه ... والصرف للتصريف قد غيرا

واللغة الفصحى غدت بعده ... يلغى الذي في ضبطها قررا

تفسيره البحر المحيط الذي ... يهدي إلى وارده الجوهرا

فوائد من فضله جمة ... عليه فيها نعقد الخنصرا

وكان ثبتاً نقله حجة ... مثل ضياء الصبح إذ اسفرا

ورحلة في سنة المصطفى ... أصدق من يسمع إن خبرا

له الأسانيد التي قد علت ... فاستفلت عنها سوامي الذرا

ساوى بها الأحفاد أجدادهم ... فاعجب لماض فاته من طرا

وشاعراً في نظمه مفلقاً ... كم حرر اللفظ وكم حبرا

له معان كلما خطها ... تستر ما يرقم في تسترا

أفديه من ماض لأمر الردى ... مستقبلاً من ربه بالقرى

ما بات في أبيض أكفانه ... إلا وأضحى سندساً أخضرا

تصافح الحور له راحةً ... كم تعبت في كل ما سطرا

إن مات فالذكر له خالد ... يحيى به من قبل أن يقبرا

جاد ثرىً واراه غيث إذا ... مساه بالسقيا له بكرا

وخصه من ربه رحمة ... تورده في حشره الكوثرا

وكنت كتبت إليه من رحبة مالك بن طوق في سنة تسع وعشرين وسبعمائة في ورق أحمر:

لو كنت أملك من دهري جناحين ... لطرت لكنه فيكم جنى حيني

يا سادةً نلت في مصر بهم شرفاً ... أرقى به شرفاً تتأى عن العين

وإن جرى لسما كيوان ذكر علاً ... أحلني فضلهم فوق السماكين

وليس غير أثير الدين اثله ... فساد ما شاد لي حقاً بلا مين

حبر ولو قلت إن الباء رتبتها ... من قبل صدقك الأقوام في ذين

أحي علوماً أمات الدهر أكثرها ... مذ خلدت خلدت ما بين دفين

<<  <   >  >>