للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمل بن أميل: المحاربي الكوفي. كان شاعراً مجيداً. مدح المهدي مرةً فأجازه ألف دينار، وتوفي رحمه الله في حدود التسعين والمائة. وهو القائل في امرأة كان يهواها من أهل الحيرة

شف المؤمل يوم الحيرة النظر ... ليت المؤمل لم يخلق له بصر

فيقال إنه بات تلك الليلة، فرأى رجلاً في المنام أدخل إصعيه في عينيه، وقال: هذا ما تمنيت. فأصبح أعمى. ومن هذه القصيدة:

يكفي المحبين في الدنيا عذابهم ... والله لا عذبتهم بعدها سقر

وامتدح المهدي وهو ولي عهد، فأمر له بعشرين ألف درهم. فبلغ المنصور ذلك، فكتب إليه يلومه. وقال: إنما كان ينبغي أن تعطيه أربعة آلاف درهم، بعد أن يقيم ببابك سنة. وأجلس قائداً من وقواده على جسر النهروان وأن يتصفح وجوه الناس، حتى مر به المؤمل فأخذه ودخل به على المنصور فسلم. فقال: من أنت؟ قال: المؤمل بن أميل. قال: أتيت إلى غلام غر خدعته. قال: نعم أصلح الله أمير المؤمنين أتيت غلاماً كريماً فخدعته فانخدع. فكأن ذلك أعجب المنصور. فقال: أنشدني ما قلت فيه. فأنشده القصدية التي منها:

هو المهدي إلا افيه ... مشابهةً من القمر المنير

تشابه ذا وذا فهما إذا ما ... أنارا مشكلان على البصير

فهذا في الظلام سراج ليل ... وهذا في النهار ضياء نور

ولكن فضل الرحمن هذا ... على ذا بالمنابر والسرير

وبالملك العزيز فذا أمير ... وماذا بالأمير ولا الوزير

وبعض الشهر ينقص ذا وهذا ... منير عند نقصان الشهور

فقال: والله أحسنت، ولكن هذا لا يساوي عشرين ألف درهم. فأين المال؟ فقال: هوذا. فقال: يا ربيع! امض معه فأعطه أربعة آلاف درهم. وخذ الباقي. ففعل. فلما تولى المهدي رفع المؤمل رقعةً ذكر فيها واقعته، فضحك. وقال: ردوا إليه عشرين ألف درهم. فردت.

<<  <   >  >>