وقال. وأحمد رضي الله عنهما للأعمى التحمل والشهادة إعتماداً على الصوت، كماله أن يطا زوجته ويميز بينها وبين غيرها بالصوت ونحوه. وهو مشكل فإن الأصوات تتشابه ويتطرق إليها التلبيس والتحيل. وأجاب الأصحاب رحمهم الله تعالى بأن الشهادة مبنية على العلم ما أمكن، والوطء يجوز بالظن. وأيضاً فالضرورة تدعو إلى تجويز الوطء ولا تدعو إلى الشهادة، لأن البصراء غنية عنه ولا تقبل شهادة الأعمى على الأجانب ولا على زوجته التي يطؤها لما سبق من تشابه الأصوات. وعن القفال أن مالكياً سئل ببخارى عن شهادة الأعمى وقصدوا بذلك التشنيع عليه. فقال ما قولكم في أعمى يطأ زوجته وأقرت تحته بدرهم فشهد عليها أتصدقونه في انه عرفها حتى استباح بضعها وتقولون إنه لم يعرفها للإقرار بدرهم فانعكس التشنيع. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه لا تقبل شهادة الأعمى بحال مع تسليمه أن النكاح ينعقد بشهادة أعميين.
وأما رواية الأعمى: ففيها وجهان: أحدهما المنع لأنه قد يلبس عليه وقت السماع. والثاني أنها مقبولة إذا حصل الظن الغالب. واحتج له بأن عائشة وسائر أمهات المؤمنين رضي الله عنهن كن يروين من وراء الستر ثم يروي السامعون عنهن. ومعلوم أن البصراء والحالة هذه كالعميان، والأول أظهر عند الإمام وبالثاني أجاب الجمهور، وهذا الخلاف فيما سمعه بعد العمى أما ما سمعه قبل العمى فله أن يرويه بلا خلاف.