قال علي بن ظافر وهذا الشهر مما يعرف أنه من أشعار العميان من غير أن يذكر قائله.
قلت: وقد امتحنت بذلك جماعة من الأدباء: فقلت. بأي شيء يستدل من هذه الأبيات على أنها شعر أعمى؟ فلم يتفطن أحد منهم لما فطن له علي بن ظافر رحمه الله. وقال يستدل به على أنه شعر أعمى قوله: نم على فخذي، وثنت إلى مثل الكثيب يدي. لأنه ما اهتدى لي أن ينام على فخذها حتى أخذت بيده وضعتها على فخذها. ألا ترى أنه لما لمسها قال: نعم الأريكة ذي. ولم يشكرها قبل لمسها. وهذه نكتة أدبية.
وقال علاء الدين علي بن مظفر الوداعي في أعمى يرمي بابنة.
موسوي الغرام يهوى بسمعي ... هـ ويشكو من رؤية العين ضرا
يتوكاً على قضيب رطيب ... وله عنده مآرب أخرى
لما تولى السقطي قضاء قوص سنه إحدى عشرة وسبعمائة وكان بصره ضعيفاً جداً حتى قيل إنه لا يبصر به جملة. وكان القاضي فخر الدين ناظر الجيوش قد قام في ولايته حد القيام، قال علاء الدين علي ابن أحمد بن الحسي الأصفوني:
قالوا تولى الصعيد أعمى ... فقلت لا بل بألف عين
ولما تولى ابن الأصبهاني وهو أعمى دار الزكاة، قال ابن المنجم المصري الشاعر:
إن يكن ابن الأصبهاني من ... بعد العمى في الخدمة استنهضا
فالثور في الدولاب لا يحسن اس ... تعماله إلا إذا غمضا
وقال إبراهيم بن محمد التطيلي:
شمس الظهيرة أعشت كوكبي بصري ... كذا سنا النجم في ضوء الضحى خمدا
إن نازع الدهر في ثنتين من عددي ... فواحد في ضلوعي يبهر العددا
تغنى عن الشهب في أجفانه مقلاً ... من كانت الشمس في أضلاعه خلدا
من طال خلقاً نفى عن خلقه قصراً ... لا تقدر الجلد منه واقدر الجلدا
لا يدرك الرمح شأ والسهم في غرض ... ولو تسلسل فيه متنه مددا
لم يكف أني غريب الشخص في بلدي ... حتى غدوت غريب الطبع متحدا