الوزير ويضربه مائة خشبة فإذا تمت يعلمه إلى أين يذهب العسكر؟ فلما ضربه وهو لا يعلم علام ضرب، نسي أن يعلمه إلى أين يذهب العسكر فما انفصل عن المكان قليلاً حتى تذكر الوزير ذلك. فقال ردوه فعاد مرعو بأخشية زيادة العقوبة، فلما وصل، قال له الوزير قد أمر مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن نعلمك بعد أن نؤدبك إلى أين يمضي العسكر، العسكر يمضي إلى ششتر، فقال: لا كتب الله عليهم سلامة. فضحك الحاضرون، ورفع الحبر إلى الناصر. فقال: يغفر له سوء أدبه، لحس نادرته، ولطف موقعها، ويدفع إليه مائة دينار، عدد الخشب الذي ضربه.
ويحكى عنه نوادر من هذا وغرائب وعجائب. وكان يعطى في مواضع عطاء من لا يخشى الفقر. وجاءه رجل ومعه ببغا من الهند. تقرأ قل هو الله أحد، فأصبحت ميتة، فجاءه فراش يطلب الببغا؟ فبكى وقال الليلة ماتت. فقال: عرفنا بموتها، وكم كان في ظنك أن يعطيك. فقال: خمسمائة دينار. فقال: خذ هذه خمسمائة دينار، فإنه علم بحالك منذ خروجك من الهند.
وقال الظهير الكازروني في تاريخه. قال الشيخ شمس الدين الذهبي وأجازه لي: إن الأنصار في وسط خلافته، هم بترك الخلافة والانقطاع للتعبد، وكتب عنه ابن الضحاك توقيعاً قرئ على الأعيان. وبنى رباطاً للفقراء، واتخذ إلى جانب الرباط داراً لنفسه، كان يتردد غليها، ويحاصر الصوفية، وعمل له ثياباً كثيرة بزي الصوفية. قال الشيخ شمس الدين: ثم ترك ذلك كله ومله سامحه الله.
قال ابن النجار: وملك من المماليك ما لم يملكه سواه ممن تقدمه من الخلفاء. وخطب له بالأندلس والصين. وكان أسد بني العباس. وقيل له إن شخصاً يرى خلافة يزيد، فأحضره ليعاقبه، فقيل له أتقول بصحة خلافة يزيد. فقال: أنا أقول إن الغمام لا ينعزل بارتكاب الفسق، فأمر بإطلاقه وأعرض عنه وخاف المحاققة. وكتب له خادم اسمه يمن: ورقة عتب فوقع فيها. بمن يمن يمن ثمن يمن ثمن ثمن. فيقال إن الخادم