وكان بشار يخاف لسان أبي الشمقمق ويصانعه في كل سنة بمبلغ من الذهب حتى يكف عنه. ووجد في أوراقه مكتوب بعد موته،: إني أردت هجاء آل سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، فذكرت قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمسكت عنهم، والله العالم بحالهم. فيقال إن المهدي لما بلغه ذلك، ندم على قتله. وكان كثيرا ما ينشد قوله:
سترى حول سريري ... حسرا يلطمن لطما
ياقتيلاً قتلته ... عبدة الحوراء ظلما
عبدة، إسم محبوبته. وفيها يقول: زود ينا يا عبد قبل الفراق أنا والله أشتهي سحر عينيك وأخشى مصارع العشاق.
ولما خرجت جنازته، لم يتبعها إلا أمة سندية عجماء. تقول واشيداه! واشيداه! بالشين المعجمة. وكان بشار يرى رأي الكاملية. وهم فرقة من الرافضة يتبعون رجلا كان يعرف بأبي كامل. كان يزعم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة علي بن أبي طالب، وكفر علي بن أبي طالب بتركه قتالهم، وكان يلزمه قتالهم كما لزمه قتال أصحاب الجمل وصفين. وقيل لبشار: ما تقول في الصحابة؟ فقال كفروا قيل له: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال:
وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا
وقيل: إنه كان يفضل النار على الأرض، ويصوب رأي إبليس في إمتناعه من السجود لآدم، وقال:
إبليس خير من أبيكم آدم ... فتنبهوا يا معشر الفجار
إبليس من نار وآدم طينة ... والأرض لا تسمو سمو النار
وقال أيضا:
الأرض مظلمة والنار مشرقة ... والنار معبودة مذ كانت النار
وكان بشار قد ولد أعمى، جاحظ العينين، قد تغشاهما لحم أحمر. وكان ضخما