للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة الصحابة على الرسول فراداً

ونبينا صلى الله عليه وسلم لم يصل الصحابة عليه جماعة، أي: لم يتقدمهم أحد، وهذا من فقه الصحابة، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجلّوا واستكبروا واستعظموا أن يتقدمهم أحد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إجلالاً له، وفيها أمر نفسي وهو: أن كل فرد من الصحابة عندما يباشر الصلاة على رسول الله بنفسه من غير إمام فكأنه يبلغ عواطفه ودعاءه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، فإذا انقلب إلى أهله ورجع إلى داره يشعر أنما فيه من عواطف جياشة قد أصابته يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استطاع أن يعبر عنها بأن صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والصلاة إنما تكون تعبداً للرب تبارك وتعالى لا شك في ذلك ولا منة، فلا يشرك مع الله أحد، لكن عندما يباشر الإنسان الصلاة على الميت إماماً أو لوحده فإنه يشعر بأن الدعاء الذي يريد أن يبلغه للميت كأنه قد وصل، وإن كان هو يدعو الله جل وعلا والله تبارك وتعالى هو القائم بالأمر جل جلالة.

فالمقصود: أن في هذا نوعاً من إطراح كثير من الحواجز النفسية التي تكون فيما لو صلى الإنسان إماماً، ولعل هذا قد تعرض له بعض العلماء في قضية لماذا صلى الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم أرسالاً.

هذه بعض المعاني التي وقفنا عليها من خبر وفاة نبينا صلى الله عليه وسلم من قول حسان: بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد ونحن في هذه اللقاءات المتتابعة في مدائح النبي صلى الله عليه وسلم لم نرد أن نكون شخصية إنشادية، أو شخصية تقول شعراً، أو أن يُعنى بالشعر أكثر من اللازم، لكن أردنا أن نبلغ السيرة العطرة والأيام النضرة لرسولنا صلى الله عليه وسلم.

وسأختم إن شاء الله تعالى بلقاء نتكلم فيه عن الشعر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وموقف الإسلام من الشعر، ونظرات فيما قلناه إجمالاً.

هذا والله تعالى أعز وأعلى وأعلم، وصلى الله على محمد، وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>