ثم ذكر الشاعر مسألة أن عائشة رضي الله عنها رميت، فقال: ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي هذا بعد أن أفعم قلبه صلى الله عليه وسلم بحب عائشة، وعائشة هي البكر الوحيدة التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فكل أزواجه قبلها وبعدها كانت كل واحدة منهن سيدة، ونبينا صلى الله عليه وسلم منّ الله جل وعلا عليه بتعدد النساء، وقد كان هذا سنة في الأنبياء من قبله، ولهذا قال الرب تبارك وتعالى:{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}[الأحزاب:٣٨] أي: من أنبياء الله ورسله، وقال الله جل وعلا عن بعض أنبيائه ورسله:{وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد:٣٨]، فهو صلى الله عليه وسلم قد منّ الله جل وعلا على بعض النساء أن اختارهن الله زوجات لنبيه وأشرف خلقه عليه الصلاة والسلام ومنهن عائشة بنت الصديق، والأربعة الراشدون الذين حول النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي لو تأملناهم لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج بنت أبي بكر وبنت عمر، وزوج عثمان وعلياً، فتزوج صلى الله عليه وسلم بنت أبي بكر وهي عائشة، وتزوج بنت عمر وهي حفصة، وزوج عثمان: رقية ثم أم كلثوم، وزوج علياً: فاطمة، فالأربعة الراشدون رضي الله عنهم وأرضاهم معهم نسب واتصال غير اتصال الصحبة مع رسولنا صلوات الله وسلامه عليه.
فكانت عائشة رضي الله عنها وأرضاها أحظى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم عنده، لكن الشاعر هنا يذكر أن القلب أفعم حباً لـ عائشة بعد موت خديجة، لكن هناك مرحلة زمنية ما بين خديجة وعائشة، نعم خديجة لا يرقى إليها أحد من النساء، قال صلى الله عليه وسلم: وقد قالت له عائشة وقد غضبت وأصابها ما يصيب النساء، قالت: وهل كانت إلا عجوزاً في غابر الأزمان قد أبدلك الله خيراً منها، فقال صلى الله عليه وسلم:(والله ما أبدلني الله خيراً منها؛ لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، وكان لي منها الولد، ثم قال: ورزقت حبها)، فكان صلى الله عليه وسلم قد رزقه الله حب خديجة، فيجب أيها المؤمن! أن تلحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج امرأة على خديجة، فـ خديجة كانت واحدة في بيت النبوة، ثم ماتت، وبعد أن ماتت تزوج النبي صلى الله عليه وسلم النساء مثنى وثلاث كما أباح الله تبارك وتعالى له.