وأما العباس فهو من حيث السن أسن من النبي صلى الله عليه وسلم وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم قبيل الفتح بقليل وقيل: أنه أسلم قبل ذلك لكنه كان يخفي إسلامه وكنيته: أبو الفضل، ومن أشهر أبنائه: عبد الله الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (اللهم فقه في الدين، وعلمه التأويل).
وإلى أحفاد العباس تنسب الدولة العباسية التي أسسها أبو العباس السفاح، وأسسها ثانياً: أبو جعفر المنصور، ومن خلفائها: هارون الرشيد، والأمين، والمأمون، والمعتصم وغيرهم، فهؤلاء من جهة القرابة أبناء عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويتحرر من هذا أن أعمام النبي صلى الله عليه وسلم ينقسمون إلى قسمين: منهم من لم يدرك البعثة، ومنهم من أدرك البعثة، فأدرك البعثة منهم أربعة، آمن اثنان منهم وكفر اثنان، كفر أبو طالب وأبو لهب، وآمن العباس، وحمزة.
نعود إلى أبي طالب، قلنا: إن أبا طالب عمّر حتى جاوز الثمانين، وكان فقير المال لكنه أسر الناس بأخلاقه، وكان له جاه عظيم على فقره في قريش، ولهذا لم تستطيع قريش أن تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم يحمل قول الله جل وعلا في سورة الأنعام:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}[الأنعام:٢٦] على أنها نزلت في أبي طالب، وهذا قول من أقوال المفسرين، ومفاده: أن أبا طالب ينهى الناس أن يقربوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويدافع عنه، وفي نفس الوقت ينأ بنفسه على أن يدخل في هذا الدين، قال الله:{وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ}[الأنعام:٢٦]، فهذا قول لبعض أهل التفسير قد يكون قريباً من الصواب، لكن الآية لا تحتمل فصل الخطاب فالأمر فيها غير واضح جلي في هذا المعنى.