الزهراء مؤنث أزهر وهو لقب غلب على فاطمة بنت محمد رضي الله عنها وأرضاها، وفاطمة إحدى أربع أخوات كلهن بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الله يقول وقوله الحق:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}[القصص:٦٨]، فأراد الله جل وعلا أن النسب المتصل بنبينا صلى الله عليه وسلم ينقطع إلا من جهة فاطمة، فـ زينب تزوجت أبا العاص بن الربيع وأنجبت منه أمامة، ثم إن أمامة كبرت وماتت دون أن تلد، أي: لم يكن لها عقب، أما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فتزوج رقية ولم ينجب منها، وتزج أم كلثوم وأنجب منها ابناً يقال له عبد الله، ثم إن عبد الله هذا نشأ صغيراً حتى بلغ قرابة ست أو سبع سنين -كما قال أهل السير- ثم إنه مات، وإبراهيم الذي ولد للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة مارية القبطية مات وقد بلغ من العمر ثمانية عشر شهراً، وأما عبد الله والقاسم ابنا النبي صلى الله عليه وسلم هذان ماتا بعد البعثة بقليل، بهذا تصير السلالة الشريفة المتصلة به صلى الله عليه وسلم كلها مردها إلى فاطمة، وفاطمة زوجها النبي صلى الله عليه وسلم من ابن عمها علي بن أبي طالب، فأنجبت منه الحسن والحسين ومحسن، ولما ولدت الحسن دخل صلى الله عليه وسلم يقول:(أين ابني أين ابني؟ فأتوه به، قال: ما أسميتموه؟ قالوا: أسميناه حرباً، قال: بل هو الحسن)، ثم بعد طهر واحد حملت وولد الحسين، وكأن علياً رضي الله عنه لأمر ما في نفسه يحب اسم حرب، فقال صلى الله عليه وسلم كما قال في أخيه الحسين:(أين ابني أين ابني؟ قالوا: هاهو يا رسول الله! قال: ما أسميتموه؟ قالوا: أسميناه حرباً، قال: بل هو الحسين، ثم حملت فقال صلى الله عليه وسلم: أين ابني؟ ثم سماه محسناً وقال معقباً: أسميتهم بأسماء أبناء هارون: بشير وبشار ومبشر)، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على اقتفاء أثر الأنبياء من قبله؛ لأن الله قال له وقوله الحق:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام:٩٠]، ففي هذا الأمر عمد صلى الله عليه وسلم إلى أن يتخذ له إماماً من النبيين، فلما أخذ صلى الله عليه وسلم من كل نبي شيئاً من مناقبه وخصاله اجتمعت المناقب فيه، كما سيأتي تحريره في أمثلة شوقي.
فقد اجتمعت كل مناقب الخير والفضل فيه صلوات الله وسلامه عليه.
فأما محسن فقد مات صغيراً، فبقينا في الحسن والحسين، فأي نسب اليوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -لا إلى آل البيت؛ لأن كلمة آل البيت أعم، لكن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- إنما هو إما من الحسن أو من الحسين، ولهذا قدر الله في أن الحسين بن علي رضي الله عنه شهيد كربلاء لما مات في كربلاء كان الناجي الوحيد من الرجال ابنه علي المعروف بـ زين العابدين، فكما أن الحسين يقال له: شهيد كربلاء فإنه يقال لابنه علي بن الحسين المعروف بـ زين العابدين يقال له: نجي كربلاء، فأبقى الله علي بن الحسين حياً ولم يتسلط عليه الأعداء ولم يقتلوه؛ حتى يبقي الله جل وعلا على عقب نبيه صلى الله عليه وسلم من ذرية الحسين الممتدة إلى فاطمة إلى ظهره صلوات الله وسلامه عليه.
فكل من ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم قطعاً هو إما من ذرية الحسن أو من ذرية الحسين، ومن كان من ذرية الحسين فهو قطعاً من ذرية زين العابدين بن علي، وأكرر أن مسألة آل البيت أوسع وأعم، وسيأتي تفصيلها.