بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فسوى، وقدر فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى.
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فقد كنا قد تكلمنا في اللقاء الماضي في لقاءاتنا هذه الموسومة بالمدائح النبوية عن ميمية الدكتور ناصر الزهراني في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.
واليوم -أيها المباركون والمباركات! - نستأنف ذلك الحديث الذي كنا قد انتهينا فيه إلى ما ذكره الشاعر في قصيدته عن رمي عرض النبي صلى الله عليه وسلم أي: الحديث عن حادثة الإفك.
سنعيد قراءة بعض الأبيات ونكمل ما لم نقرأه في اللقاء الماضي، ثم نعرج على التعليق عليها كما هو حالنا في كل لقاء.
قال المادح: فوضت أمرك للديان مصطبراً بصدق نفس وعزم غير منهرم ولى أبوك عن الدنيا ولم تره وأنت مرتهن لازلت في الرحم وماتت الأم لما أن أنست بها ولم تكن حين ولت بالغ الحلم ومات جدك من بعد الولوع به فكنت من بعدهم في ذروة اليتم فجاء عمك حصناً تستكن به فاختاره الموت والأعداء في الأجم ترمى وتؤذى بأصناف العذاب فما رئيت في ثوب جبار ومنتقم حتى على كتفيك الطاهرين رموا سلى الجزور بكف المشرك القزم أما خديجة من أعطتك بهجتها وألبستك ثياب العطف والكرم عادت إلى جنة الباري ورحمته وأسلمتك لجرح غير ملتئم والقلب أفعم من حب لعائشة ما أعظم الخطب فالعرض الشريف رمي وشج وجهك ثم الجيش في أحد يعود بين مقتول ومنهزم لما رزقت بإبراهيم وامتلأت به حياتك بات الأمر كالعدم إلى أن قال: إن أبصرت بيدة من نور سنته فطائر السعد لم يهوِ ولم يحم غنى فؤادي وذابت أحرفي خجلاً ممن تألق في تبجيله كلمي يا ليتني كنت فرداً من صحابته أو خادماً عنده من أصغر الخدم تجود بالدمع عيني حين أذكره أما الفؤاد فللحوض العظيم ظمي يا رب لا تحرمنّي من شفاعته في موقف مفزع بالهول متسم هذه بعض الأبيات التي قالها الدكتور ناصر الزهراني في ميميته في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نبهنا قبل لقاءات إلى أن القصيدة ثلاثة وستون بيتاً على قدر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبدأ هنا من حيث انتهيت في اللقاء الماضي من خبر عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحررنا هنالك معنيين مهمين: الأول منهما: أن الله جل وعلا برأ عائشة بكلامه، أي: بقرآن أنزل من فوق سبع سماوات، وقلنا وقتها: إن الله جل وعلا برأ عيسى وبرأ موسى وبرأ يوسف، وكل كانت في البراءة، إلا أن تبرئة الطاهرة عائشة كان أعظم؛ ذلك أنه أنزل في خير كتاب، وهذا حرره كثير من العلماء كما تراه عند القرطبي في الجامع وعند غيره.