لا دين لمن لا مروة له ولا اهتمام له بأمر صديقه. لا يأس من جارى عدوه بالإحسان فقد يصير صديقاً. لا صديق لشحيح وقليل خير وإحسان. لا عدو لمن يحسن.
ومن الحكم: إعادة الاعتذار تذكر بالذنب. إعادة الكلام تورث الملالة. النصح بين الملأ تقريع. تمام العقل نقص الكلام. قلة الكلام مهابة ونصته حكمة. وأمن من طالع سره وعيب نفسه. نعمة الرذل لا خير فيها.
[حكم لفيثاغورث وأبيقراط وأرسطو]
أكثر الأعداء أخفاهم مكيدة. من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه. من كثر مزاحه لا يأمن من مقت من مازحه. من كثير مزاحه لم يخل من خوف عليه.
مباسطة المرء لأخيه تذهب الوحشة بينهما. زر الصديق ما دام ينسر منك.
سئل بقراط أي العيش خير؟ قال: الأمن مع الفقر، وقال: العافية ملك خفي، لا يعرف قدرها إلا عند فقدها. وقال: للقلب آفتان: الهم والغم. فالغم يعرض منه النوم، والهم يعرض منه السهر، وذلك لأن الهم فيه تصور المخوف بما يكون أو يتوقع، فمنه يكون السهر. والغم لا فكر فيه، لأنه فيما كان وانقضى وقال فيثاغورث من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة، فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه: العجلة واللجاجة والإعجاب والتواني. فثمرة العجلة الندامة، واللجاج الحيرة، وثمرة العجب: المقت، وثمرة التواني فوات المرام.
وقال: إن أردت أن تنكي عدوك لا تريه اتخاذك له عدواً. وقال بقراط: ستة لا تفارقهم الكآبة: الحقود، والحسود، وحديث بغنى، وغني يخاف الفقر، وطالب رتبة ليس أهلاً لها. ومن أراد النجاة من مكايد الشيطان لا يطيع امرأته. الزوجة مثل شجرة الدفل. لا تكثر من عشرة حملة عيوب الناس فإنهم يلفظون ما غفلت عنه وينقلونه إليهم ومنهم إليك.
وقال أرسطاليس: رغبتك فيمن توانى عنك ذل. وزهدك في راغب فيك قصر همه وسخافة. وقال: الجاهل عدو نفسه فكيف يكون صديق أحد؟.
وقال المأمون: الإخوان على ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه، وطبقة كالدواء لا يحتاج إليه إلا في الأحايين، وطبقة كالداء، لا يحتاج إليه أبداً.
وقال ابن سينا: لا تغرنكم أربعة: شمس الشتاء، ونصح الأعداء، وقرب الأمراء، وملق النساء.
[أحاديث شريفة]
قال عليه السلام: رحم الله امرأً تكلم فغنم، أو سكت فسلم.
وقال عليه السلام: ألا وإن كل كلام عليك، إلا ذكر الله، فإنه لك لا عليك.
وقيل: العافية عشرة أجزاء، تسعة في الصمت إلا ذكر الله، والجزء التالي في ترك مجالسة السفهاء.
وقيل: الصمت عي وفيه السلامة، والتكلم قوة وفيه الندامة.
وقد تقدم: في السكوت مهابة.
وقال بعضهم: من لازم الصمت سلم من المقت.
ذو القعدة، وأوله الخميس سنة ١١٥٠، لم يقع فيه ما يؤرخ.
ذو الحجة، الحرام، في وسطه قبل العيد، جاء الكتاب وأخبروا أن الحج بخير، وأوله كان السبت سنة ١١٥٠.
[محرم الحرام سنة ١١٥١]
[محرم الحرام سنة واحد وخمسين وماية وألف]
٢١ - ٤ - ١٧٣٨م
[الحكومة]
وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان محمود ابن السلطان مصطفى بن السلطان محمد، ابن عثمان، وأوله الاثنين، والباشا في دمشق سليمان باشا، وقاضي الشام السيد هاشم أفندي الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والمدرسون على حالهم.
وفي يوم السبت آخر الحجة، كنا بسقبا وزرنا عبد الله بن سلام، وقرأنا له الفاتحة، رضي الله عنه، ودعونا الله تعالى، ومكثنا ثلاثة أيام: السبت والأحد والاثنين، وذلك عند تلميذنا في الطريقة الخلوتية يوسف السقباني. وكان معنا جماعة من الإخوان في طريقنا، ونزلنا يوم الثلاثاء بكرة النهار ثالث محرم أو ثاني محرم. وإليه التوفيق والهداية لأقوم طريق. وأخذنا للمطالعة تاريخ شذرات الذهب. وكتاب مدح الشيء وذمه للثعالبي. وكان يوسف المذكور أرسل دعانا مع الشيخ الفاضل المقرئ المفيد عبد الرحمن بن الحاج أحمد الشافعي. من تلاميذ مؤرخ هذا الكتاب.
[صلب إسماعيل آغا]
وفي خامسه تعلق إسماعيل آغا. وذلك يوم الخميس الخامس. إن أول الشهر الأحد، والرابع إن أولها الاثنين، وهو الأصح.
[الحديقة العدوية]
وفي يوم السبت: ثاني عشرين الحجة سنة ١١٥٠، كنت في الحديقة العدوية، ولم أصحب أحداً وأحببت الانفراد، وكن الفؤاد من الموارد الظاهرة والباطنة، والشواغل من أكثر الرفقاء الخارجة والكامنة.
سعد الدين السعدي