للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الاثنين ثالث الشهر، توفي الشيخ يونس بن الشيخ إبراهيم بن سعد الدين، وكان شاباً قريب العهد بخروج لحيته، وكان معه في الحج الشريف وإنه بعد فراغ مدة السلام ثلاثة أيام، دعا والده المفتي ابن العمادي لضيافته بالجنينة لمقابلة لجامع الأمير جراح. تنزيهاً له مما حدث لولده مصطفى في غيبته من تغير المزاج واستيلاء السوداء وتغير الوجه والكلام. فقال لولده الشيخ يونس الصحيح، وكان ناصحاً صحيح البدن حسن الهيئة تام العقل تام الخلقة: اجلس في الدار، ربما يخرج أحد للسلام، فتتلقاه إلى أن أجيء من الضيافة، ثم ذهب، فجلس الشيخ يونس حصةً قصيرة، ثم ذهب لدار الحريم، ودخل القاعة لينام، ثم سكر عليه القاعة وخنق نفسه، فما شعروا فيه حتى كان فارق الدنيا، وصلي عليه يوم الثلاثاء بجامع الدقاق، ودفن بتربة بني سعد الدين قبلي باب الله، وتأسف عليه والده، والله يصبره فيما أصابه في ولديه، وقد ورد في بعض الآثار: أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأولياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل وورد: يبتلى المرء على قدر دينه.

[قطع اثنين من العيارين]

وفي يوم الأربعاء ثاني عشر شهر جمادى الأولى، قطع الباشا أيادي وأرجل رجلين من أهالي الأذى والعياقة وحيل النشل والسرقة، وكان لهم في ذلك أخبار وقصص مما لا يدركه العقل.

[دخول القاضي ابن كمال باشا]

وفي الخميس ثالث عشر جمادى الأولى، دخل قاضي الشام إبراهيم أفندي بن كمال باشا، ودخل من ناحية الصالحية على فرس، وأرسل أخبر أنه يعمل موكباً، فخرج للقائه الأعيان والكتاب والمفتية والدولة.

[الشيخ عبد الرحيم السمان]

جمادى الثانية، يوم السبت السادس، في توفي الناسك المتعبد الشيخ عبد الرحيم بن حسن السمان الصالحي، كان متعبداً ناسكاً باحثاً، كثير الاستماع والحضور لدروس الحديث، أخذ طريق الخلوتية عن زين القضاة عيسى بن كنان الخلوتي الصالحي، وكان مستديماً على أوراد شيخه المذكور مستمراً على الذكر والعبادة والصيام والقيام بما أمره فيه المذكور، وصلي عليه بالخاتونية ودفن بسفح قاسيون.

[فضلي جلبي]

وفيها آخر الشهر، توفي فضلي جلبي بن أبي الصفاء، الشهير بابن الأصفر الحنفي ودفن بالباب الصغير، وكان شاباً لا بأس به.

رجب، أوله الثلاثاء، وقيل الأربعاء.

[قران يحيى الناشفي]

وفي الجمعة حادي عشر رجب كان قران يحيى آغا الناشفي، ابن صاحبنا الأخ صادق، على ابنة ابن الخانجي، وحضر الأكابر والأعيان وكثير من الناس، وخطب الخطبة الشمس الكاملي، وأجرى العقد قاضي الشام إبراهيم أفندي كمال زاده.

[سكن الباشا والقاضي في الصالحية]

وفيه طلع يوسف باشا للصالحية بحريمه، وكذلك قاضي الشام، فنزل الباشا قصر بني السفرجلاني والقاعة، والقاضي الباسطية وقصر بني البكري بالجسر الأبيض، غربي المدرسة الإبراهيمية، ولصيق التربة الأيدمرية أول النيرب.

[حفلة ختان]

وفي ليلة الجمعة، ليلة الثامن عشر من الشهر، كان ختان السيد محمد ابن صاحبنا إبراهيم جلبي المعروف بابن شاهين، من تراجمين محكمة الباب من المحكمة العربية، وهو متولي جامع الحاجبية، وصاحب الحمام المقابل له، وعمل ضيافةً عظيمةً في داره بدمشق، وكان غالب كتاب المحاكم والأعيان، وتكلف كلفةً باذخةً، ولم يأخذ من أحد شيئاً، أخلف الله عليه خيراً.

ابن كنان يصف الحفلة شعراً

وقلت فيه:

هذا الختان قد زها وافترّ مبتسماً ... وانسرّ في أمره كلٌّ له ذهبا

ما من وريقٍ به كلاّ ولا ذهبٍ ... يأخذه من أحدٍ أيضاً وما طلبا

كم من طريفٍ تليدٍ انفقته يدٌ ... منه على من أمّ جانبه، كلاّ وما قطبا

فالله يجزيه خير الجزاء بما ... قد عمّ أضيافه، كلاًّ لما اقتربا

حتّى ترى صفرةً ما مثلها فتحت ... كالروض غنّى له الحادي لذا طربا

من كلّ لون عجيبٍ فاخرٍ زهرٍ ... يحوي السكاكر والأعسال والضّربا

من طبخ عبد الجليل فاقت صناعته ... عشيّة الملك الصمصمام إذ غلبا

يلقي بها من صحافٍ مالها عددٌ ... فيها على اشكال أنواع الأكول نبا

<<  <   >  >>