وفيه يوم الخميس الثامن عشر في شعبان المذكور كان ختم درس الفقه في الكنز، وحضر جمع كبير من الأفاضل، وذلك بدارنا بحارة الأمير المقدم، فحضر مولانا الشيخ محمد بن الشمس بن بلبان، ومولانا الشيخ إسماعيل بن الشيخ الأجل الأمجد العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي، والفاضل الشيخ أحمد الخطيب الصالحي الحنفي بالحاجبية، والشيخ إبراهيم الحنبلي الدمشقي، والقاضي محمد بن الخياط الصالحي الحنفي، والسيد عبد الباقي الشويكي الحنفي، ومعتوق جلبي الأكرمي الصالحي الحنفي، والشيخ حسين بن الشيخ إبراهيم الأكرمي الحنفي إمام السليمية، والشيخ عبد الله بن خليل الدويداري الصالحي الحنفي، والشيخ محمد العمادي الحنفي، والشيخ أحمد بن علي الصالحي البيتماني. وقرأ العشر في أول الدرس وفي آخره، وسمعنا أسانيد الفقه، ثم جيء بالبخور والماورد.
[ختم دروس دار الحديث الأشرفية]
وفي يوم الاثنين ثاني عشرين الشهر، ختم مولانا وقريبنا القاضي عبد الوهاب ابن الشيخ العلامة عبد الحي العكري الصالحي، في مدرسته دار الحديث الأشرفية بالصالحية بين المدارس، غربي الأتابكية، وشرقي المدرسة الخديجية المرشدية الحنفية التي هي مدرستنا.
[ختم دروس الشيخ عبد الغني]
وفي يوم الثلاثاء، ثالث عشرينه، ختم درسه الشيخ عبد الغني النابلسي بالسلطانية السليمية، وكان ختماً حافلاً.
وفي يوم الثامن والعشرين ورد الباشا متمرضاً بالإسهال.
[رمضان]
أوله الأربعاء، والشك الثلاثاء.
في أوايله نودي على طوايف المغاربة بالرحيل من دمشق لأمر وقع من فجارهم، فعمهم الباشا بحكمه، ولعله فعل ذلك ليأخذ منهم مالاً. فتوجهوا نحو داريا قاصدين الساحل لينزلوا في البحر، ثم أرسل وراهم، وأمرهم بالعود. وهذا من الحكم المردود، لأن الفاجر تجري عليه العقوبة، وتقام عليه الأحكام، لا كل الناس.
[مقتل ابن كليب]
وفي يوم الجمعة رابع رمضان، وصل الخبر بدمشق بكرةً أن ظاهر بن سلامة قتل ظاهر بن كليب، وهرب برأسه، وأخذ ابنه وأخذ جميع موجوده.
[حكايات عن المعمرين]
وفيه أخبرني صاحبنا الأمجد مصطفى بيك ابن الترزي، أنه خرج ناحية حوران، بل نواحي عجلون، فخرج إلى ظاهر القرية فرأى رجلاً خلف حائط قاعداً في الشمس عليه أثر الكبر، فسأله عن عمره بعد ما حكى معه ووانسه، فقال كم بلغت من العمر؟ فقال لا أدري، فقال ما حد وعيك؟ قال كنت أسمع أن السلطان الغوري جاء إلى الشام من مصر، ومراده الركوب على السلطان ابن عثمان. قال فتعجبت من هذا السن والله أعلم بحقيقة الحال. وعلى هذا يكون مولده سنة خمس عشرة وتسعماية لأن زمن سليم وقتل الغوري سنة ثلاث وعشرين وتسعماية، وأقل الإدراك من السبع، والسائل سأله سنة ست بعد المائة وألف، فيكون جملة عمره مايتي سنة إلا تسع سنين، وذلك لا يبعد في قدرة الله، لأنه خلق طول العمر في الأوائل، ويوجد في بلاد الهند كثير يعمرون المائتين إلى الخمسمائة، وقد عمر رتن الهندي خمسمائة عام. وذكره شيخنا أبو الوقت إبراهيم الكوراني ثم المدني، قيل إنه أدرك الانشقاق، وكان في قافلة في طريق الهند. ولله خواص في الأمكنة والأزمنة والأشخاص، وحيث وجد ولو في فرد صح وجوده في أكثر، ولو على وجه الندرة.
[أخبار شتى]
وفي يوم السابع منه، وردت بشائر للمفتي ابن العمادي بالفتوى.
وفيه ورد حج كثير، وفي دمشق بعض غوش، ونسأله اللطف والعفو والمسامحة.
وفي يوم الخميس تاسع رمضان دخلت البلطجية والسقا باشية.
وفيه بلغ أن القبحي حيدر آغا، الآتي إلى ابن العمادي، من أعيان قبجية الروم، أنه استأذن في الحج الشريف فأُذن له.
[حريق المشهدين في الجامع الأموي]
وفي يوم الجمعة، العاشر من الشهر، احترق المشهدان الغربيان وما بينهما، فوق باب الجامع، فوق مسرجة النحاس، وهدمت تلك السقف بينهما، واجتمع من الخلق ما لا يعلمه إلا الله. لأجل الطفي مخافة أن يصل إلى الجامع، وحملوا الماء بالقرب ولم يفت للجامع، ونقل أهل سوق الذراع حوايجهم لباب البريد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك لم يظهر إلا عند طلوع شمس يوم الجمعة في التاريخ المذكور، وبقي هذان المكانان مهدومين، كما قال الشاعر:
فأصبح بطن مكّة مقشعرّاً ... كأن الأرض ليس بها هشام
ونسأله اللطف فيما قضى وقدر.
ابن العمادي مفتياً