وفيه في يوم الأحد رابع رمضان، توفي القاضي محمد بن الشيخ أحمد الشهير بابن الخياط الصالحي الحنفي الباش كاتب بالمحكمة الصالحية وكان عليه وظائف وعثامنه، وعنده ثروة، وخلف أولاداً أناثاً وذكوراً بالاستسقاء، وصلي عليه بالخاتونية بعد العصر، ودفن عند الإيجية بسفح قاسيون، ومكث مدة أربعة أشهر متمرضاً، وعملت صباحيته بالجامع المذكور.
[نزهة في الربوة]
وفيه يوم الاثنين ثاني عشره، دعانا صاحبنا الأمجد مصطفى أفندي ابن أبي الصفا، إلى الربوة، وفطرنا هناك وصلينا المغرب والعشاء والتراويح، ثم مكثنا حصةً وعدنا نحو الصالحية والسفح، وصار غاية الصفاء والأنس.
شوال، أوله السبت.
يوم العاشر فيه، وهو الاثنين، طلع المحمل والباشا إلى قبة الحاج، ونزل الباشا هناك، وربما يمكث يومان فأكثر.
وفي الخميس العشرين فيه طلع جميع الحج الشامي والحلبي.
وفي يوم الجمعة، رجعت المزيربتية، وأخبروا أن الباشا رحل الأربعاء، وأخبروا عن الحج بأنه بخير، والشيء موجود.
[نزهة]
ذو القعدة، أوله الاثنين، وقيل الأحد.
وفي أوله كنا في مكان نزيه فأنشدني الشيخ محمد قصيدة مخمسةً، أصلها للشيخ الدسوقي، والتخميس لمولانا الشيخ عبد الغني أبقاه الله.
[رجب باشا في دمشق]
وفي يوم الخميس تاسع عشر ذي القعدة، دخل رجب باشا دمشق ونزل الميدان، وتقدم أنه عزل عن مصر وحبسه أهل مصر. ثم توجه منها، وكان قتل بها الباش دفتار، ولم يعلم سببه، فقاموا عليه وأنزلوه من قلعة الجبل وأودعوه الحبس، وأقاموا منهم البيك: إسماعيل آغا أمير الحج مكانه وأعرضوا للدولة. وكان مرادهم قتله بالوجه الشرعي، ثم إن السلطان شفع فيه. والله يصلح الأحوال.
وفيه يوم الثلاثاء، صعد رجب المعزول للصالحية لدرس الشيخ عبد الغني في السليمية، وذلك في أواخر الشهر، وهو في همة السفر إلى بلاد سيواس الموجهة له فيما سمع.
وفي يوم الخميس السادس والعشرين، سافر رجب باشا إلى البلد التي عين لها، قيل هي سيواس على ما سمع، وهي قريبة من ديار بكر والموصل.
وفيه سمع أن العرب أخذت للباشا بعض جمال، والله يصلح الحال.
[نزهة]
وفيه، يوم السبت، كنا في بستان زين الدين نحن وجماعة لا بأس بهم، وطالعنا في مجاميع فيها من كلام مولانا الشيخ عبد الغني وغيره، من النظم الفايق، ولطيف المعنى الرايق، واستجدت من بعض مستجاداته ما أذكره في هذا الكتاب ولو قل، لأن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
[الربوة]
وفي يوم الاثنين، كنا مع جماعة من الأصحاب اللطاف في الربوة ذات القرار والمعين، آخر يوم في ذي القعدة، والثلاثاء أول يوم من ذي الحجة، وكان أكثر المطالعة بالسيرة الحلبية للشيخ علي الحلبي، بمطالعة مولانا الشيخ أبي الصفا أفندي الأصطواني، والشيخ محمد أفندي البرصي الحنفي، وسماع البقية، وكان البيات بمزة دحية الكلبي رضي الله عنه، وزرناه أيضاً، والإقامة نهاراً في الربوة السعيدة.
[مزايا إبراهيم الكردي]
وفي يوم السبت خامس شهر ذي الحجة سافرت الجردة، وأميرها إبراهيم كرت، ومعه نحو السبعين بيرقاً. وكان أولاً في داره نواحي عين علي عند زوجته بنت قزلباش، ثم برز للميدان الأخضر، ثم منذ يوم السبت المذكور رحل إلى قبة الحاج، ومعه أيضاً معمارية ونجارين وحدادين لعمارة قلعة المعظم، وإصلاح البركة هناك، ومعه أربع مدافع لها، جاءت من السلطنة، وقيل أعطي بشارةً ورزق بثمان طبول.
وهو رجل لا بأس به، وله رأي سديد وتأني في الأمور ومعقول. خدم بدمشق من أهاليها إبراهيم آغا الكيخي، وكان من صالحين الدولة، كريم الأخلاق سليم الصدر. فلما توفي توجه إبراهيم باشا إلى الدولة ليأخذ كيخية أستاذه، فأعطي لها، وأعطي حمص وكيلاً عن الوزير الأعظم، لأنه وكله في ضبطها، وكانت على الوزير، فأتقن في الضبط، ولم يشتك منه أحد.
ثم وجهت له باشوية غزة، فتوجه إليها، وهو إلى الآن، وأمر بالخروج إلى الجردة في هذه الباشوية أميراً وهو مبشر بباشوية القدس الشريف، فالله يعرفه كل خير، فإنه خال من التجبر والكبرية، معتزل بما يسر الله له من المناصب والإكرام من طرف الدولة السلطانية.
العرب والحجاج