للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتذاكرنا في إعرابه من جهة النحو: فأنبوبة مبتدأ معلوم، وجملة تحسبها الخبر، والرابط ضمير الجملة، وأن سبيكةً مفعول ثان لتحسب، والحر: مفعول مقدم لتقي، ولكن بمعنى إن في أحد إطلاقاتها.

وتذاكرنا من جهة بديع الأبيات من الجناس المصحف، وفيه التشبيه البليغ، لأن الأصل كسبيكة.

ومن جهة العروض، وأنه من بحر الرجز، لكن دخله الخبن، وهو حذف الثاني الساكن، وفيه الطي، وهو حذف الرابع الساكن، والمجموع يسمى خبلاً، إلى أن انتهى مجلسنا.

[محمد الكفرسوسي]

وفيه توفي من كتاب محكمة الباب، القاضي محمد أفندي بن الكفرسوسي، وخلف مالاً وابنتين لا غير، وصلي عليه يوم الخميس بالجامع الكبير، ودفن بتربة الدحداح.

[تسعير اللحم]

وفيه نادى حسن باشا، باشة الشام، على اللحم بسبعة مصاري وثمانية مصاري، بنداء القاضي أيضاً.

وفي تاريخه، كان رخاء في الفاكهة جداً، أُبيع الرطل التفاح من السكري بمصرية.

[الشمع لضريح النبي يحيى:]

وفي تاريخه، في محرم بعد الظهر، ورد الباشا للجامع، والقضاة والعلماء والقبجي، لأجل وضع الشمعات التي أوقفها السلطان مصطفى على ضريح النبي يحيى عليه السلام، وهم قنطار راجح، وعين خادماً بعلوفة، وعمل لهما شبكات، وضعوا واحدة عند رأسه والأخرى في المعزبة الأخرى عند رجليه، ودعا المفتي الحنبلي الشيخ أبو المواهب بحضور الباشا والقبجي والناس، ودعوا للسلطان حفظه الله.

وفي تاسع عشر الشهر، تمت السفريات النحاس، وجاءت في غاية الجودة والحسن والنضارة، وحليت بالذهب واللازورد، وكتبت فيها أبيات عربية وتركية.

وفي يوم السبت فيه، ورد قفل الباشا، مع محمد باشا، كيخية حسن باشا.

[حكاية الكمال المصري مع النصراني المسلم]

وفيه سلمنا على الكمال يونس المصري، مدرس قبة النسر بالجامع الأموي، في داره بالقنوات. وكان ببلاد الروم، وأخبرنا من جهة الأمر الذي حصل له حين ذهابه للروم على جهة ترابلس، قال: كنا خرجنا من عند باشة ترابلس أصلان باشا على ساحل البحر، فخرجوا علينا الفرنج مسكونا وأنزلونا المركب، وأما أنا فأجلسوني في القمرة، فاضطجعت ودخل علي صاحب المركب، وأنا مضطجع فلم أقم له ولا جلست، فقال لم لا تقم؟ فقلت له أنا من العلماء، فسكت ولم يرد علي بشيء، فبعد برهة أنزلني إلى سفل المركب، فنزلت، فما مكثت ساعة حتى نزل إلى عندي أمرد كأنه القمر، لم أر أحسن منه، فقبل يدي وقال: يا سيدي أنت من العلماء؟ فقلت له نعم، فقال: مرادي تعلمني النحو. وكان أخبرني أنه يحفظ كم بيت من شعر العرب العرباء، وأتى إلي بمأكول ومشروب مفتخر وقال: أريد الإسلام، وبلغني الشهادة بإذني سراً، وقال: أجتمع بك في بلاد الروم، وقال: أنا أُتقن الكيمياء وأُعلمك إياها وتعلمني علم النحو، فقلت له: على راسي، وطلب مني مصحفاً فأعطيته، ثم أخرجني إلى ظاهر المركب في أوضة حسنة، ويأتيني كل يوم بالمأكول والمشروب مدة ثلاثة أيام، ففكنا أصلان باشا فخرجنا من المركب وتوجهنا إلى الروم.

وفي يوم الجمعة، ركب حسن باشا وجاء وصلى بالجامع عند رأس نبي الله يحيى عليه السلام، وقدامه الريش والإيباشية، وعليه قباء سفرجلي بسمور، وقيل إنه يحفظ القرآن عن ظهر قلبه.

[حكاية الأمير منصور وأرملة الباشا]

وفي يوم الاثنين ثالث صفر وأوله الجمعة، خرج حسن باشا لملاقات الحج الشريف وقيل: يمر على صفد لقتل الأمير منصور الدرزي، الضامن صفد من أصلان باشا، من جهة أخذه زوجة أحمد باشا بن صالح باشا الصفدي كافل دمشق وكان أخذها قهراً حين قتل الوزير زوجها أحمد باشا، باشة دمشق، ببلاد الروم من غير عقد ولا نكاح. وكان بلغ أهالي دمشق، وكان بها ناس من صفد للشكاية عليه في ذلك، فقام العلماء والموالي والدولة، وأرادوا الركوب عليه، ويعملوا نفيراً عاماً. واهتم بذلك الشيخ مراد، وقاضي الشام، فخافوا من هروبه على البحر، فتركوا الأمر حتى يأخذوه على حين غفلة.

ولما بلغ منصوراً أن خبره اتصل إلى دمشق، أرسل وراء قاضي صفد وهدده ليكتب كتابه، فلم يرض لعدم صحة ذلك على مذهب الإمام الأعظم، فقيل عرض عليه القتل، وقيل قتله. ثم أخذ يتخضع وراسل أعيان دمشق، وهاداهم بكل ممكن حتى فتروا عنه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

احتراق سوق العطارين

<<  <   >  >>