صفر، وأوله السبت، يوم الأربعاء خامسه، توفي الشيخ عبد اللطيف بن محمد البعلي الحنبلي، إمام صلاة الرابعة، تفقه بابن بلبان الصالحي الحنبلي، والتقي عبد الباقي الحنبلي، البعليان ثم الدمشقيان، وكان له ثروة وعنده كتب كثيرة، ربما تكب ببعضها.
وفيه شاع أمر الزينة.
وفي حادي عشر صفر المذكور توجه عمر آغا صاحبنا مع القبجي في صحبته، لأجل وقف خيربك، والقبجي في مصالح الخنكار.
التفتيش مجدداً على ثروة ناصيف
الأحد الثالث والعشرين، ورد قبجي من الروم للتفتيش على مال ناصيف، ونزل عند حسين آغا ابن فروخ، ومسك من أهالي دمشق جماعةً، وأرسلوا إلى محمد آغا الفلاقنسي إلى بعلبك، وضبط بعض أماكن، ومضمون الفرمان أن يقابل هؤلاء الممسوكين بالشرع ولا يمسك أحد إلا بخير، وأفلت من يومه حسين آغا وألزموه باليمين، وضبطوا من بيوت أشخاص بعض أسباب، لأنهم ضبطوا من أسباب آغا المصري، ما هو للنسا، ولم يقارشوا ما هو له، لمقتضى أنه كان تزوج جاريةً من جواري ناصيف. والله يصلح الأحوال. وكل من هؤلاء لا بد له من الخدمة للقبجي. وأما ابن البكري محمد آغا فهرب ثم حضر، وكان تزوج زوجة ناصيف، بنت ناس من يودين، لأنها ذات ثروة، وضبط مالها، فقالت هذا مالي، ما لنصيف عندي شيء، وأنا أسافر وأرد جواباً للوزير، وأنا أهلي معروفون بالمال بيودين، فتركوا أمرها.
وفي يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من صفر، ورد قبجي بضبط مال محمد باشا أمير الجردة الشهير بالأفندي.
وفيه، ربيع الأول، نزل ثلج كثير.
[الزينة]
وفي سادسه. يوم السبت وردت زينة دمشق، وجاء قبجيها من على الصالحية، وزين الناس تلك الليلة فوراً وعملوا العرايض الحافلة، وأتقنوا كل الإتقان، وكانت تعمل العرايض في النهار، وكانت أسبوعاً.
وفي السبت ثالث عشريه سافر كمال زاده، قاضي الشام، إلى بلاده وأكابر الحج المتبقين كأمين الصرة والسقا باشية بعد فراغ الزينة السلطانية، والله يصلح الأحوال.
ربيع الثاني، وأوله الأربعاء فيه تولى نيابةً، ابن القاري.
وفيه أنشدني الشيخ عمر العكري الصالحي تشطير بيتين لبعضهم قوله:
إبريقنا عاكفٌ على قدحٍ ... كراكعٍ قد حنا له الجسدا
أو في تحنّنه ورأفته ... كأنّ الأمّ ترضع الولدا
أو عائدٍ من بين المجوس إذا ... رأى سنا نوره له عبدا
وكلّما أبرقت زجاجته ... توهّم الكاس شعلةً سجدا
[حب البنات]
وفيه يوم الجمعة الثالث، فيه أملانا الحافظ المحدث المتقن الواعظ الماهر البالغ، الشمس محمد بن الشيخ علي الكامدي من لفظه، فقال عن أوس بن الصامت أخي عبادة ابن الصامت أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن لي بنات وأنا أدعو عليهن بالموت. فقال: يا ابن ساعدة لا تدعو على بناتك، فإن البركة فيهن، إنهن المجملات عند النعمة، الممرضات عند الشدة، والمنعيات عند المصيبة، ثقلهن على الأرض، ورزقهن على الله. قال: نقله الخطيب الشربيني في شرح المنهاج.
ومن هذا القبيل أنشدني بعضهم لبعضهم قوله:
حبّ البنات فحبّ البنات ... فرضٌ على كلّ نفسٍ كريمه
شعيب النبيّ لأجل البنات ... أخدمه الله موسى كليمه
وفيه عزل رجب باشا عن القدس وأعطي البصرة.
وفيه في آخره يوم الخميس، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، واجتمع بعض أعيان وخلق، تقبل الله، وكان ختماً حافلاً.
[قضية الصرصار]
وفيه ثبت أمر الصرصار، وهي مظلمة كانت وبطلت، وأرسل فيها فرمان زمن ناصيف، فلم يعمل فيه، وفي زمن طبل شرع فيها، فقام العوام على نايب القاضي الآتي، والنايب الآتي، ثم دخلوا السرايا، فأرسل نادى في إبطالها، فخرج الناس وهدوا. ثم ورد بعد ذلك رجل ميازري، ومعه جماعة معهم علم وغوشوا على الباشا، وقامت العيطة فقالوا: نادينا بتركها، فقال: عصى خديدي. فارسل قتله وعلقه وعلق في بطنه العلم، وأبقاه ثلاثة أيام. ولم يتكلم أحد من الأكابر. ثم أخذوا الصرصار فلم يعارضه أحد.
ومن نافق يخذله الله. وقتل في هذه القضية نحو ثلاثة أنفار، وطلب فتوى لأجل قتل هؤلاء، لأنهم بغير وجه شرعي ولا سياسي، فلم يعط:
كأنّ مغانيها لم يجاورها راعي ... وأقوام قرمٍ لم يودّعها ناعي
محاولة تبرير القتل