قرأ الشيخ عثمان المذكور على أفاضلها، فأخذ الفقه عن ملا إلياس الكردي الكوراني، نزيل مسجد العداس، بتشديد الدال، والسيد حسن بن المنير، بضم الميم وفتح النون، والأصول عن الشمس ابن الطويل الشافعيين، والنحو عن ابن الحايك الحنفي المفتي والخطيب بدمشق، والفرائض والحساب والجبر والمقابلة على التقي التغلبي الحنبلي، وعلم القراءات على أبي المواهب المفتي الحنبلي، والمنطق على ملا إلياس، والفلك على الشيخ خليل بن الشيخ الأديب عبد الرحمن الموصلي، وحضر درس الردي الحنبلي في شرح الأربعين بالمدرسة. وأخذ عن التقي حمزة الدومي الحنبلي، مدرس اليونسية بظاهر دمشق، وأخذ الطريق الخلوتي عن الحسيني الشافعي، وكان عليه وعظ السنانية على الكرسي، عقب صلاة الجمعة، وعلى ذلك ضمانة في الوقف تبلغ أربعين عثمانياً. وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة باب الصغير، ثم وجه ما عليه لولديه الصغار.
[عودة التدريس للشيخ عبد الغني]
وفي يوم الثلاثاء حادي ربيع الأول، جلس لدرس السليمية بالصالحية مولانا الشيخ عبد الغني، بعد أن كان عزل منه زمن ناصيف باشا، والسبب، أن شيخ الإسلام عطا الله أفندي مفتي الروم، لما توجه ابن محاسن، محمد جلبي إلى الروم نزل عنده، وكان لوالده سليمان أفندي صحبة معه، فشكا له حاله، وأن ماله شيء، وأنه يحتاج ما يقوم به، وكان الخطابة وتدريس السليمية قائماً على أبيه وأهله من قبله، وكان بينه وبين الشيخ عبد الغني نوع فتور حين تولى قضاء الشام، فأرسل لسليمان أفندي الخطابة والتدريس، فخطب الشيخ في المدة ولم يشرع في التدريس خوفاً أن لا يتم، ثم بعد أيام قلايل، رجع التدريس للشيخ عبد الغني.
[عمارة الشيخ عبد الغني]
وكان شيخ الإسلام عطا الله أفندي، لما عزل بمحمود أفندي قاضي العسكر، لانحراف السلطنة عليه بسبب من الأسباب، كان الجديد يعلم بمرتبة الشيخ عبد الغني كثيراً في العلم والعرفان والكمال، فعاد له التدريس في مدة نحو شهرين، فعاد وبقي على سليمان أفندي خطبة الجامع، فوصل التدريس إليه، فجلس له يوم الثلاثاء، وجاء لدرسه الأكابر والأعيان، وعمل ضيافةً في عمارته التي أنشأها شرقي الحاجبية، بمحلة السهم وحمام الكاس. وأصل هذه الدار أنها كانت خربةً وتسمى دار ابن العجمي البلكباشي من جند دمشق، وكانت سكنه، ثم إنه احتكرها وعمرها عمارة حسنة، وهي مقابل حمام الكاس الذي خرب وزال في الثمانين وألف.
وفي يوم الخميس حادي عشر ربيع الأول من السنة المذكورة، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر بعض أكابر وأعيان وخاص وعام، تقبل الله من الجميع دعاءهم.
وفي ثمان عشرين ربيع الأول، وصل فرمان بقتل جماعة ناصيف المحبوسين في القلعة، وأبقوا الأمر إلى مجيء باشة الشام شركس الذي قاتل ناصيف مع العسكر والباشات.
[عزل شركس باشا]
وفي خامس عشرين ربيع الثاني عزل شركس محمد باشا عن الشام، بعد مكثه مديدة، إلى صيدا، ودخل متسلم يوسف باشا، ونزل دار بعض الأمراء إلى أن رحل الباشا المعزول.
[دخول القاضي كركجي زاده]
وفيه ليلة ثلاث وعشرين، دخل قاضي الشام محمد أفندي كركجي زاده ليلاً، وجلس بالباب النائب الجديد، وهو موصوف بالعلم والحذق. ثم وقع دعوى من الينكجرية في عشرين كيساً من مال الوجاق على شركس، فمنعه بوجه، وهو أنه أخذها لما جلس عليهم عبدي آغا جعلوها له، وسافر من ثاني يوم.
[عزل نائب الصالحية]
جمادى الأولى، وفيه شاع عن رجل من عكامة من الصالحية، أنه فض بكراً، فاشتكى أهلها لنايب الصالحية السرميني وحط مالاً، ثم وصل أمره للباشا، فحبس وخرج على مال، وكان ذلك قبل ورود القاضي، فلما جاء القاضي نزل جماعة من كبار الصالحية واشتكوا لقاضي الشام في إخراجه من الصالحية، فأُخرج في التاريخ المزبور.
الدولة تطلب ١٩٠ كيساً
وفي خامس عشرين جمادى الأُولى، ورد فرمان مع قبحي في طلب مائة وتسعين كيساً من أسعد أفندي البكري للسلطنة، زعماً منه أنه تركة حسين آغا كيخية شيخ الإسلام المقتول، والوكيل عنه ببلدة بعلبك المتوفي سنة ١١١٧ هـ، والله يلطف بالعباد.
وفيه نزل السعر عما كان.
وفيه صار تغيير المعاملة.
[عزل قاضي الصالحية]
وفيه عزل النائب الذي كان بالصالحية في غيبة قاضي الصالحية، ونائب الباب الواصل في صحبة القاضي.