وفي ربيع الأول، في أوله، ورد قاضي الشام الجديد مصطفى أفندي الرومي من الروم، ولم يصل الجمعة إلا مرةً واحدةً، وذلك جمعة دخوله، ثم تمرض بالإسهال والدم نحو عشرة أيام، ففي يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، توفي القاضي المزبور، ودفن عند بلال رضي الله عنه.
وفي شهر ربيع الثاني، ورد يوم أوايله، ابن شيخ الإسلام من مصر، وهو الذي كان قاضي مكة، وتقدم ذكره في دخول دمشق.
[خليل الموصلي]
عاشر ربيع الثاني توفي مولانا العالم الماهر العلامة تقي الدين خليل بن الشيخ الأديب الأكمل، الماهر الأريب عبد الرحمن الموصلي، بالسكة غربي الصالحية، وصلي عليه بالسليمية ودفن عند ضريح تربة الشيخ الولي الشيخ محمد الزغبي، بالزاي المعجمة والغين المعجمة، جواره، غربي القبة. وكان من العلماء الأجلاء. اشتغل في فنون كثيرة من الفقه والأصول والنحو والصرف والفرايض والحساب والجبر والمقابلة وعلم الفلك والهيئة والهندسة والمساحة، حتى في وضع الأوفاق وعلم الشمس وغير ذلك. قرأت عليه حصةً وافرةً في شرح جمع الجوامع في الأصول ورسالة الأندلسية في العروض، رحمه الله وعفا عنه.
[محيي الدين السلطي]
وفي يوم الاثنين، ثالث ربيع الثاني، توفي شيخ الأدب بدمشق، الشيخ محيي الدين السلطي الماهر الناظم، وهو قيم الأدب ومرجع أصحاب فن الموسيقى والطرب. له ديوانه المشهور، وله كتابه الجمانات بالأدب وهو من ذوي النكت والنوادر، وصنف في علم النحو ومن نظمه: شعره:
قالت الحسناء يا من في شجن ... هل فني بالله حسني يافنن
أو لحالي شبهٌ قلت فمن ... ربّ خالين مطبوعين من
تعطني منك على صحنٍ ذهب ... فهو ممنوحٌ وإن صدّ وإن
منائي رشف ريقٍ من فمٍ ... فإذا لام عذولي قلت: من
حسن عذاريه بدا عذري ومن ... وجنته أصبح الورد مجن
وله موال قوله:
ربّ خالين مطبوعين مقرونين ... تعطي مسك على صحنين ذهب خدين
من عذاره بدا عذري من الخدّين ... الورد أصبح عجب زاهي على الخدّين
الخد الأول خد الدمع وطريقه في وجهه وهو أثر الحرمان، وهو سواد في الخد، والخد الثاني: الوجنة.
وصلي عليه بالأموي ودفن بالباب الصغير.
[دخول المتسلم الجديد]
آخر ربيع الثاني، ورد متسلم الباشا الجديد وعزل أصلان من إمرية دمشق والحج.
وفي ثامن عشره ورد له إقرار بالإمرية وباشوية ترابلس، والله يحسن الحال.
وفي آخره سمع بقرب الباشا الجديد، فخرجت الملاقية فلم يروا له خبراً، ثم ورد أنه معزول فخفف المتسلم وهرب ليلاً، ولم يحاسب على المال الذي أخذه، ثم إنهم عاودوه وقالوا له: خروجك على هذه الكيفية لا يليق، حتى يجيء المتسلم الجديد، وتتحاسب أنت وإياه، وهو إلى الآن، ولم يعلم الغداة بعد لمن يتوجه.
[الشيخ أحمد البعلي]
يوم الخميس آخر جمادى الثاني، توفي الشيخ الصالح الفقيه العالم الكامل الفرضي النحوي الشيخ أحمد بن السبحان البعلي الحنبلي مفتي بعلبك في مذهب أحمد، وصلي عليه بجامعها، ودفن عند الشيخ العارف الولي، عبد الله اليوناني الحنبلي. أخذ الفقه الحنبلي عن الشمس بن بلبان بدمشق، وجاور بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر لأجل القراءة عليه، وقرأ في العربية والفرائض والحساب، وتقدم ذكره في الأول.
[ولاية محمد بيرم باشا]
رجب وفي يوم الأحد ثامن عشره، دخل باشة الشام محمد باشا بن بيرم الأركلي، منفصلاً عن القدس الشريف.
وفي ذلك اليوم خرج باشة القدس إليها، ويقال له أشقر محمد باشا، وخرج لوداعه الأكابر، وكان أشقر مهاباً عليه السكينة والوقار، يكره الظلم، غاية في العلم والحلم والأدب.
شعبان، لم يقع ما يؤرخ فيما أعلم.
[اغتيال الشيخ محمد الخطيب]
رمضان ثامن عشرينه، توفي الفقيه العالم العلامة مفتي الحنفية ببلدة بعلبك الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخطيب الحنفي مقتولاً بالرصاص ببندقية من بعض الأعداء، في أوضته في داره خارج الحريم، وكان عنده ولده وبعض أصحاب، ومعه كتاب يطالع به بعد ما جاء من صلاة التراويح من جامعها الكبير، ففتح رجل الباب سراً أطلقها فجاءت في صدره، فقتل في الحال، ولم يعلم له خبر إلى الآن.