للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا كان الوكيل في ذلك يعجز عن مباشرة بعض العمل بنفسه ويقدر على بعضٍ فهل يجوز له أن يوكل في كل العمل أو في القدر المعجوز عنه خاصة؟ فيه قولان:

القول الأول: يجوز له أن يوكل في القدر المعجوز عنه خاصة، وهو مذهب المالكية (١)، والشافعية (٢)، واختاره من الحنابلة أبو يعلى وابن عقيل (٣).

القول الثاني: يجوز له أن يوكل في كل العمل، وهو مذهب الحنابلة (٤) ووجهٌ للشافعية (٥).

فلو وكل زيد خالدًا أن يبني له بيتًا، وهو قادرٌ على أن يشرف على البناء، كما أنه من المعلوم أنه لن يباشر البناء بنفسه، فعلى القول الأول يلزمه أن يشرف على البناء ولا يوكل غيره في ذلك، وعلى القول الثاني يجوز له أن يوكل غيره في كل عمل.

الأدلة:

دليل جواز توكيل الوكيل في ما يقوم به مثله ولكنه يعجز عن القيام به كله بنفسه هو دليل المسألة السابقة، أما أدلة ما إذا كان عجزه عن القيام ببعض العمل فهي:

أدلة القول الأول:

الدليل الأول: أن توكيل الوكيل إنما جاز للحاجة فيختص الجواز بما دعت إليه الحاجة، بخلاف ما لو أذن له في التوكيل فإنه مطلقٌ (٦).

الدليل الثاني: أن التوكيل يقتضي أن يتولى الوكيل بنفسه، وإنما أذن له في ما لا يقدر عليه؛ للعجز، ويبقى في ما يقدر عليه على مقتضى التوكيل (٧)، والميسور لا يسقط بالمعسور.

أدلة القول الثاني:

الدليل الأول: أنه مَلك التوكيل في بعض العمل فيملكه في جميع العمل، قياسًا على الموكِّل (٨).

المناقشة: أنه إنما ملك التوكيل في بعض العمل لعجزه، والوكيل أضعف سلطةً من الأصيل.


(١) حاشية الدسوقي ٣/ ٣٨٨.
(٢) نهاية المحتاج ٥/ ٢٨.
(٣) المغني ٧/ ٢٠٨، الإنصاف ١٣/ ٤٥٩.
(٤) الإنصاف ١٣/ ٤٥٩.
(٥) المهذب ١٥/ ٢٦٧.
(٦) المغني ٧/ ٢٠٨.
(٧) المهذب ١٥/ ٢٦٧.
(٨) المهذب ١٥/ ٢٦٧.

<<  <   >  >>