قياسًا على العتق، فلم يبق في يد الموقوف عليه ما يقفه.
المناقشة:
١. أن العتيق قد خرج بالعتق عن المالية بخلاف الموقوف.
٢. أن امتناع التصرف في الرقبة لا يمنع الملك، كأم الولد.
الدليل الثالث: أن الوقف على مَن لا يملك كالمساجد والقناطر وسائر القُرب لا ينتقل فيها الملك للموقوف عليه، فكذلك من يملك؛ لأنه أحد نوعي الوقف.
المناقشة: الوقف على المساجد ونحوها وقف على المسلمين إلا أنه عُيّن في نفعٍ خاص بحيث لا يمكن أن يصرف لغيره، وليس كذلك الوقف على المعين.
الدليل الرابع: أن وقف الوقف يلزم منه مخالفة شرط الواقف الأول، فإذا قال: هذا وقف على زيد ثم على المساكين، وجاز لزيد أن يقفه فإنه سيمنع المساكين حقهم ويخالف مقصود الواقف الأصلي.
المناقشة: ليس كل وقفٍ فيه شرط يلزم مخالفته، ومتى وُجد فيشترط في الوقف الثاني ألا ينافيه.
الجواب: أنه إذا وقفه على غيره فقد خالف الشرط شاء أم أبى؛ لأن الواقف وقفه على معين لا على غيره.
أدلة الاحتمال الثاني:
الدليل الأول: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:«لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه»، رواه البخاري، كتاب الهبة، باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته (٣/ ١٦٤)(ح ٢٦٢٣)، ومسلم (٥/ ٦٣)(ح ٤١٦٤)، قال ابن قدامة:(وهذا يدل على أنه ملكه، لولا ذلك ما باعه) المغني ١٣/ ٤٣، فإذا جاز له أن يبيعه بإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -، جاز له أن يوقفه.
الدليل الثاني: حديث أنس أن أبا طلحة - رضي الله عنهما - تصدق بحديقته بيرحاء على ذوي رحمه، قال:(وكان منهم أبيّ وحسّان، قال: وباع حسان حصته منه من معاوية، فقيل له: تبيعُ صدقةَ أبي طلحة؟ فقال: ألا أبيع صاعًا من تمر بصاع من دراهم؟)(١).
(١) رواه البخاري، كتاب الوصايا، باب مَن تصدّق إلى وكيله ثم رَدَّ الوكيل إليه (٤/ ٨) (ح ٢٧٥٨)، وأصله دون محل الشاهد عند مسلم، كتاب الزكاة (٣/ ٧٩) (ح ٢٣١٥). ودخول الباء على المبدل المتروك خلاف اللغة المشهورة.