للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأمين التعاوني قابله تبرع آخر مشروط فصار بذلك معاوضة كالتأمين التجاري (١).

المناقشة:

١. بالإضافة لما سبق من الفروق الجوهرية بينهما يقال: إن قاعدة التأمين التجاري تعويض الأقلية من أقساط الأكثرية، ولهذا يمتنع تعويض الجميع، والطرق الإحصائية لحساب القسط التأميني قائمة على أساس أن نسبة ضئيلة من الأفراد يصابون بالخطر، فلو أخطأت الإحصاءات في الواقع وأصيب الأكثر بالخطر ستواجه شركة التأمين التجاري الإفلاس أو البحث عن مصادر أخرى للتمويل (٢)، وهذا ما لا يوجد مثله في التأمين التعاوني فإن أساسه رأب الصدع بما تحصّل من أقساط المشتركين، فإذا زاد الخطر عن ذلك فإن المؤمن لا يضمن ولا يلزم بالتعويض عن القدر الزائد، كما أن الفائض عندما لا تحصل أخطارٌ وحوادث يعود إلى جميع المشتركين في التأمين التعاوني، لا إلى المؤسسين كما في التأمين التجاري، حيث يهدفون إلى الاسترباح بالفرق بين أقساط التأمين والتعويضات المدفوعة مقابل التزامها بالتعويض.

٢. أن القائلين بإباحة التأمين التجاري يقرون أنه إذا اقتصر على الفرد المعين فهو غرر وقمار، لكنهم يجيزونه مع مجموعة كبيرة من الناس، وهذا ينافي قاعدة الشرع، فإن العقد المحرم لا تندفع مفسدته بانضمامه إلى مثله، وتكثيرُه تكثيرٌ للمفسدة وإيغال في التحريم، ولو كان التعاقد مع بقية المستأمنين شرطًا لصحة العقد أصبح العقد جماعيًا لا ثنائيًا، ولم يعد العقد مقتصرًا على تنظيم العلاقة بين المستأمن والشركة -كما هو حال التأمين التجاري- بل ينظم العلاقة بين مجموع المستأمنين والشركة، وهذا هو التأمين التعاوني (٣).

٣. التبرع المشروط في التأمين التعاوني لا يدخله في المعاوضات المالية المحضة بل هو كالنهد (٤)؛ لأن قصد المؤمن له التبرع، والقصد أمر باطن لا يمكن الحكم عليه دون قرينة.

٤. كون التأمين التعاوني يماثل التأمين التجاري في الإجراءات والمباداء الإحصائية في التأمين ونحو ذلك لا محذور فيه؛ لأن العلة في المنع من التأمين التجاري ليس شيئًا من هذه الأمور. وما ذكر ينجر على قياس التأمين التجاري على نظام التقاعد.

الدليل الرابع: قياس التأمين التجاري على أصول مختلفة منها:


(١) الخطر والتأمين لرفيق المصري ص ٩٩،٦٢،٥٩ وينظر ص ٥١ - ٥٦.
(٢) قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي ص ٢٧٢، ٢٩٨.
(٣) قضايا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي ص ٢٨٦ - ٢٨٨.
(٤) ينظر في تفصيل ذلك: المرجع السابق ص ٥٥، التأمين الإسلامي للقره داغي ص ٢٢٢ - ٢٢٥، وينظر للفائدة ص ٢٠١ - ٢٢٢.

<<  <   >  >>