للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الخامس: أن مِلك المنافع كمِلك الأعيان، فكما يجوز له أن يربح في كل ما يتملكه من الأعيان بشراءٍ أو هبةٍ أو إرثٍ فكذلك يجوز له أن يربح في ما يتملكه من المنافع تملكًا صحيحًا.

أدلة القولين الثاني والثالث (١):

الدليل الأول: أنه صح عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، فيلزم من يرى حجية قول الصحابي، وأيضًا لم يُعلَم له مخالف، قال ابن حزم: (والمالكيون يشنعون بخلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف، وهذا مما تناقضوا فيه؛ لأن ابن عمر لم يجزه، ولا يعرف له مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم -) (٢) وهذا لازمٌ للحنابلة أيضًا (٣)، وإنما لم يلزم ابن حزم لأنه لا يرى حجية قول الصحابي (٤).

المناقشة:

١. أن الأثر من رواية قتادة عن نافع وعن ابن عمر ولم يسمع من واحدٍ منهما.


(١) مصطلح الكراهة عند السلف قد يراد به التحريم. القبس ١٦/ ٥٥٩، روضة الناظر ١/ ١٤٣، إعلام الموقعين ٢/ ٧٥، منح الجليل ٣/ ٧٥١، وهذه الأدلة مشتركة في الدلالة على المنع، والأصل دلالتها على التحريم، ومَن نسب الكراهة لمن سبق من التابعين استدل لهم بأدلة تقتضي التحريم، ولم يذكروا صارفًا، فالله أعلم، وإنما نسبتُ لهم الكراهة؛ لأنه اللفظ الوارد في بعض الآثار؛ ولأنه ما فهمه العلماء عنهم، فهو احتمال قائم.
(٢) المحلى ٨/ ١٩٨.
(٣) لأنهم يرون حجية قول الصحابي، وينظر في ذلك: إعلام الموقعين ٥/ ٥٤٨ وما بعدها، الموافقات ٤/ ٢٩٠،١٣٢، وقد قال ابن قيم الجوزية عن مسألةٍ كهذه: (وقاعدة الإمام أحمد أن ما أفتى به الصحابة لا يخرج عنه إذا لم يكن في الباب شيءٌ يدفعه، فعلى أصله الذي بنى عليه مذهبه يلزمه القول بهذا الأثر؛ لصحته وانتفاء علته) إعلام الموقعين ٤/ ٤٣٩، وقال أبو العباس ابن تيمية: (وإلى ساعتي هذه ما علمت قولًا قاله الصحابة ولم يختلفوا فيه إلا وكان القياس معه، لكن العلم بصحيح القياس وفاسده من أجلِّ العلوم، وإنما يعرف ذلك من كان خبيرًا بأسرار الشرع ومقاصده ...) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٥٨٣، ونقله في "إعلام الموقعين" ٣/ ٢٥٦، وفي "العدة" للقاضي أبي يعلى ٤/ ١١٩٣ - ١١٩٧: (إذا قال الصحابي قولًا مخالفًا للقياس ... فإنما يحمل ذلك على أنه قاله على جهة التوقيف، وهو قول أصحاب أبي حنيفة، وقال أصحاب الشافعي: لا يحمل على التوقيف، وإنما هو اجتهاده) وإنما لم يتوجه الإلزام في مسألتنا للحنفية؛ لأنهم لم يخالفوا الأثر مخالفة تامة، وإنما خصصوه وأخذوا به في الجملة.
(٤) وهذا كثير في "المحلى" وسائر تصانيفه كالتلخيص، ومن أصرحه قوله: (والموقوف والمرسل لا تقوم بهما حجة ... وليس فضل الصاحب عند الله بموجب تقليد قوله وتأويله؛ لأن الله-تعالى- لم يأمر بذلك لكن موجَب تعظيمه ومحبته قبول روايته فقط؛ لأن هذا هو الذي أوجب الله-تعالى-) المحلى ١/ ٥١ - ٥٢، في الأصل: (وقبول روايته).

<<  <   >  >>