فجازيتم تلك المودة بالقلى ... وذاك التداني منكم بالتباعد
إذا كان هذا في الأقارب فعلكم ... فمإذا الذي أبقيتم للأباعاد؟
ومن قوله في المعنى:
عفا الله عنكم أين ذاك التودد ... وأين جميل منكم كنت أعهد؟
ويا أيها الأحباب مإذا أرابكم ... وإني بحمد الله أهدي وأرشد
تعالوا نخلي العتب عنا ونصطلح ... وعودوا بنا للوصل والعود أحمد
بما بيننا لا تنقضوا العهدى بيننا ... فيسمح واش أو يقول مفند
ولا تخدشوا بالعتب وجه محبة ... لها بهجة أنوارها تتوقد
ولا نتحمل منة الرسل بيننا ... ولا غرر الكتب التي تردد
إذا ما تعاتبنا وعدنا إليكم ... وقلتم وقلنا والهوى يتأكد
ععتبتم فلم نعلم لطيب حديثكم ... إذاك عتاب أم رضى وتودد؟
وقد كان ذاك العتب من فرط غيره ... ويا طيب عتب بالمودة يشهد
وبتنا كما نهوى حبيين بيننا ... عتاب كما أنحل الجمان المنضد
وأضحى نسيم الروض يروي حديثنا ... فيا رب لا تسمع وشاة وحسد
ومن قوله:
وعاذلة باتت تلوم على الهوى ... وبالنسك في شرخ الشباب تشير
لقد أنكرت مني مشيباً على صبا ... زرقت لقلبي وهو فيه أسير
أتتتني وقالت يا زهير أصبوة ... وانت حقيق بالعفاف جدير
فقلت دعيني اغتنمها مسرة ... فما كل وقت يستقيم سرور
دعيني واللذات في زمن الصبا ... فإن لامني الاقوام قيل صغير
وعيشك هذا وقت لهوي وصبوتي ... وغصني كما قد تعلمين نضير
يوله قلبي قامة ورشاقة ... ويخلب قلبي أعين وثغور
فإن مت في ذا الحب لست بأول ... فقلبي كان العاشقون كثير
واني على ما في من ولع الصبا ... جدير باسباب التقى وخبير
وان عرضت لي في المحبة نشوة ... وحقك اني ثابت ووقور
وان رق مني نمنطق وشمائل ... فما هم مني بالقبيح ضمير
وما ضرني اني صغير حداثة ... إذا كان تدري في الأنام كبير
ومن قوله: يهنئ الامير نصر الدين أبا الفتح بن المطي بقدومه من غزوة غيدان
لها خفر يوم اللقاء خفيرها ... فما بالها ضنت بما لا يضيرها؟
أعادتها أن لا يعاد مريضها ... وسيرتها أن لا يفك أسيرها
رعيت نجوم الليل من اجل إنها ... على جيدها منها عقود تديرها
وقد قيل أن الطيف في النوم زائر ... فأين لطرفي نومة يستعيرها؟
وها أنا ذا كالطيف فيها صبابة ... لعلي إذا نامت بليل أوزارها
أغار على الغصن الرطيب من الصبا ... وذاك لأن الغصن قيل نظيرها
ومن دونها أن لا تلم بخاطر ... قصور الورى عن صلها وقصورها
من الغيد لم توقد من الليل نارها ... ولكنها بين الضلوع تثيرها
ولم تحك من أهل الفلاة شمائلاً ... سوى انه يحكي الغزال نفورها
أروح فلا تعوي علي كلابها ... وأغدوا فلا يرغو علي بعيرها
ولو ظفرت ليلى بترب ديارها ... لأصبح منها درها وعبيرها
تقاضى غريم الشوق مني صبابة ... مروعة لم يبق إلا يسيرها
وان الذي أبقته مني يد النوى ... فداء بشير يوم وافى نصيرها
أمير إذا أبصرت إشراق وجهه ... فقل لليالي تستسر بدورها
وان فزت بالتقبيل يوماً لكفه ... رأيت بحار الجود يجري نهورها
وكم يدعي العلياء قوم وانه ... له سرها من دونهم وسريرها
قدمت ووافتك البلاد كأنما ... يناجيك منها بالسرور ضميرها
ولاقتك لما جئت يسحب روضها ... مطارفة وأفتر عنها غديرها
تبسم منها حين أقبلت نورها ... وأشرق منها يوم وافيت نورها
وحتى موإليك السحائب أقبلت ... فوافاك منها بالهناء مطيرها
ورب دعاء بات يطوي لك الفلا ... إذا خالط الظلماء ليلاً منيرها
وطئت بلاداً لم يظأها بحافر ... سواك ولم تسلك بخيل وعورها
يكل عقاب الجو منها عقابها ... ولا يهتدي فيها القطا لو يسيرها
وزرت بلاد الأعجمين بضمر ... عراب على العقبان منها صقورها
فصبحت منها سودها بأساود ... تبيد العدى قبل النفار زفيرها