أكرم بساحته التي لا صدح من ... ورق الثنا إلا على روضاتها
غذى الرجا نباتها فانظر لما ... وشاه من مدح فم ابن نباتها
واهرع إلى الشخص الذي قد ألفت ... كل القلوب له على رغباتها
وإذا الفتى اجتذب القلوب سعت إلى ... دينار راحته خطا حبّاتها
وإذا حلى الملك المؤيد أشرقت ... فاخشع لما تمليه من آياتها
شرف مثال النجم دون مثاله ... ولهاً يضيع الغيث في قطراتها
لم يكف أن جلى الخطوب عن الورى ... حتى جلا بعلومه ظلماتها
لله فيه سريرة مكنونة ... فصفاتها الإعياء دون صفاتها
لا تطلبن من القرائح حصرما ... أفضى إليه وعد عن أعناتها
ركعت لذكراه الحروف فلم تكد ... تتبين الألفات من دالاتها
وتقشعت أنواء كل غمامة ... وهباته تجري على عاداتها
يا ابن الملوك الناشرين لبيتهم ... سيراً تبيض من وجوه رواتها
متَّ الفقير إلى يديك بمنة ... إذا كان صنع الجود من لذاتها
وصبت إلى لقياك غير ملومة ... نفس رأت جدواك أصل حياتها
لا نعتب الأيام كيف تقلبت ... بالقاطنين وأنت من حسناتها
وله في مدح كمال الدين الزملكاني: وهي قصيدة طويلة أجاد فيها كل الإجادة فاختصرت منها أكثر لشهرة ديوانه، فمن أراد الوقوف عليها فليراجعها في الديوان وأولها قوله:
قضى وما قضيت منكم لبانات ... متيم عبثت فيه الصبابات
ما فاض من جفنه يوم الرحيل دم ... إلا وفي قلبه منكم جراحات
غبتم فغاضت مسرات القلوب فلا ... أنتم بزعمي ولا تلك المسرات
أحبابنا كل عضو في محبتكم ... كليم وجد فهل للوصل ميقات
يا حبذا في الصبا عن حيكم خبر ... وفي بروق الغضا منكم إشارات
وحبذا زمن اللهو الذي انقرضت ... أوقاته الغر والأعمال نيات
حيث المنازل روضات مديحة ... وحيث جاراتها غيث سحابات
أيام ما شعر البين المشت بنا ... ولا خلت من مغاني الأنس أبيات
حيث الشباب قضاياه منفذة ... وحيث لي في الذي أهوى ولايات
وحيث أسعى لأوطان الصبا مرحاً ... ولي على حكم أيامي ولايات
إلى أن قال في مديحها:
حبر رأينا يقين الجود من يده ... وأكثر الجود في الدنيا حكايات
محجب العز في أيام سؤدده ... للعز محو وللأمداح إثبات
سما على الخلق فاستسقوا مواهبهُ ... لا غرو أن تسقي الأرض السموات
واستشرق العلم مصقولا سوالفه ... بدهره وزهت لليمن جنات
واستأنف الناس للأيام طيب ثنا ... من بعد ما كثرت فيها الشكايات
لا يختشي موت نعمى كفه بشر ... كأن أنعمه للخلق أقوات
ولا تزحزح عن فضل شمائله ... كأنها لبدور الفضل هالات
يا شاكي الدهر يممه وقد غفرت ... من حول أبوابه للدهر زلات
ويا أخا الذنب قابل عفوه أمماً ... أيام لا ملجأ أو لا مغارات
ولا يغرنك غفران فتغمره ... فللعقار على لين شرارات
ويا فتى العلم إن أعيتك مشكلة ... هذا حماه المرجى والهدايات
ويا أخا السعي في علم وفي كرم ... هذي الهدايا وهاتيك الهدايا
لا تطلبن من الأيام مشبهه ... ففي طلابك للأيام إعنات
ولا تصخ لأحاديث الذين مضوا ... ألوى العنان بما تملي الروايات
طالع فتاويه واستنزل فتوته ... تلق الإفادات تتلوها الإفادات
وحبر الوصف في فضل بأيسره ... تكاد تنطق بالوصف الجمادات
فتى تناول صحف المجد أجمعها ... من قبل ما رقمت في الخلد خطات
حامي الديار بأقلام مسددة ... تأخر الشك عنها والغوايات
حامي الذمار بأقلام لها مدد ... من الهوى واسمه في الطرس مدات
قويمة تمنع الإسلام من خطر ... فأعجب لها ألفات وهي لامات
تعلمت بأس آساد وصوب حياً ... منذ اغتدت وهي للآساد غابات
وعودت قتل ذي زيغ وذي خطل ... كأنها من كسير الحظ فضلات
وجاورت يد ذاك البحر فابتسمت ... هنالك الكلمات الجوهريات
لفظ تشف عن المعنى لطاقته ... كما تشف عن الراح الزجاجات