فمن لوعة يصلى بنيرانها الحشا ... ومهجة قلب آذنت بفناء
توالى عليها حرقة الوجد والأسى ... فلم يبق منها الحب غير ذماء
ويا سعد ل تلحا أخاك وقد مضى ... به سهم راميه اشد مضاء
صريع العيون النجل ما إن رمينه ... صريع الهوى والوجد والبرحاء
قتيل الهوى العذري قد فتكت به ... قدود غصون أو لحاظ ظباء
كأني به يستيقظ الحتف راقداً ... إذا شام برقاً لاح بعد خفاء
ولم يبتسم ذلك البرق منهم ... لعمرك إلا جالباً لبكائي
فما لك تلحوني على ما أصابني ... من الداء جهلاً لا بليت بدائي
دعوتك تستمري الدموع لما أرى ... فلم تستجب يوم الغميم دعائي
وهذا هذيم كلما كر طرفه ... إلى مربع بالرقمتين خلاء
تذكر أياماً بهن قصيرة ... يطول عليها شقوتي وعنائي
فأرسلها مهراقة وهي عبرة ... ترقرق يرقيها بفضل رداء
خليلي إن لم تسعداني على الهوى ... فأين ودادي منكما وإخائي؟
فيا سعد إني قد منيت وراعني ... نوى يوم جد البين من خلطائي
فما للمطايا بين وجد ولوعة ... وبين حنين مزعج ورغاء
بربك حثحثها وخذ بزمامها ... وسر سير لا وان ولا ببطاء
إلى نزل لا يعرف الضيم أهله ... ولا خاب من وافاهم برجائي
يحل به عبد الغني فلا الغنى ... إذا مادنا الأخلاق منك بناء
ربيع الندى لا يبرح الفضل فضله ... يطيب مصيفي عنده وشتائي
ألا لا سقتني غير راحته الحيا ... فتورث صوب المزن فرط حياء
صفا العيش لي منها وطاب ولم يزل ... يروق ولم يكدر علي صفائي
ولم إلا عنه دام علاؤه ... رواية مج باذخ وعلاء
مناقب تزهو بالمكارم كلها ... وتشرق من أنواره بوضاء
ولا كرياض الحزن وهي أنيقة ... وتفضلها في بهجة وبهاء
تأرج أنفاس النسيم بطيبها ... كما نسمت ريح الصبا بكباء
أخو العزمات الماضيات فما دجا ... دجى الخطب إلا جاء بابن ذكاء
طربنا وأطربنا الأنام بمدحه ... فهل ديرت الصهباء للندماء
ورحنا نجر الذيل بالفخر كلما ... ذكرناه في الأشراف والعلماء
غذاء لروحي مدحه وثناؤه ... وإن أحاديث الغرام غذائي
له الله موقى من يلوذ بعزه ... به من صروف النائبات وقائي
فمن شدة فيه ومن لين جانب ... ومن كرم في طبعه وسخاء
وما خفيت تلك المزايا وإنما ... تلوح كما لاح الصباح لراء
مواهب أعطى الله ذاتك ذاتها ... وحسبك من معط لها وعطاء
بها رحت أجني العز من ثمراته ... ويخفق بين الأنجبين لوائي
عليك إذا أثنيت بالخير كله ... تقبل أَبا محمود حسن ثنائي
رأيت القوافي فيك تزداد رونقاً ... ولو أنها كانت نجوم سماء
ولم أر مثل الشعر أصدق لهجة ... إذا قال فيك القول غير مراء
غني عن الدنيا جميعاً وأهلها ... سواك وفيه ثروتي وغنائي
فقير إلى جدواك في كل حالة ... وإنك تدري عفتي وإبائي
وقال يمدحه:
عاد المتيم في غرامك داؤه ... أهل السليم تعوده آناؤه؟
فتأججت زفراته وتلهبت ... جمراته تقدت رمضاؤه
حسب المتيم جده غرامه ... وكفاه ما فعلت به برجاؤه
بالله أيتها الحمائم غردي ... لطالما أشجى المشق غناؤه
نوحي تجاوبك الجوانح أنة ... وتظل تندب خاطري رقاؤه
هيهات ما صدق الغرام على امرئ ... حتى تذوب من الجوى أحشاؤه
إن كان يبكي الصب لا من لوعة ... أخذت بمهجته فمم بكاؤه؟
بترقرق العبرات وهي مذلة ... سر يضر بحاله إفشاؤه
يا قلب كي علت في إشراكهم ... أو ما نهاك عن الهوى نصحاؤه
لا تذهبن بك المذاهب غرة ... آرام ذياك الحمى وظباؤه
وبمهجتي من لحظ أحور فاتن ... مرض يعز على الطبيب شفاؤه
هل يهتدي هذا الطبيب لعلتي ... إن الغرام كثيرة أدواؤه
والليل يعلم ما أجن ضميره ... من لوعتي وتضمنت أرجاؤه
ما زلت أكتحل السهاد بهجركم ... أرقا ويطرف ناظري أقذاؤه