حتى يشق الصبح أردية الدجى ... وتحيل صبغة ليله ظلماؤه
زعم العذول بأن همي همه ... ومن البلية همه وعناؤه
يدعو الفؤاد إلى السلو ودونه ... الشوق داع لا يرد دعاؤه
لا يطمعن في العذول فما له ... مني سوى ما خاب فيه رجاؤه
حكم الغرام على ذويه بما قضى ... ومضى عليهم حكمه وقضاؤه
يا رحمة للمغرمين وإن تكن ... قتلي هواك فإنهم شهداؤه
ما كان داء الحب إلا نظرة ... هي في الصبابة داؤه ودواؤه
في الحي بعد الظاعنين لما به ... ميت بكته لرحمته أحياؤه
حفظ الوداد فما لكم ضيعتم ... ووفى بعهدكم فدام وفاؤه
وجزيتموه على الوصال قطيعة ... أكذا من الإنصاف كان جزاؤه
ما شرع دين الحب شرعة هاجر ... صدق الخلوص لوده شحناؤه
خاصمت أيامي بكم فرغمتها ... والحر أوغاد الورى خصماؤه
سفها لرأي الدهر يحسب أنن ... ممن يراع إذا دهت دهياؤه
ألقى طوب خطوبه متبسماً ... وسواي يهب في الخطوب لقاؤه
إني ليعجبني ترفع همتي ... ويروق وجهي صونه وحياؤه
لا تعجبن من الزمان وأهله ... هذا الزمان وهذه اأبناؤه
ليس المهذب من تطيش بلبه ... نعماؤه يوماً ولا بأساؤه
لا بد من يوم يسر به الفتى ... وتزول عن ذي غمة عماؤه
ولربما صدئ الحسام وناله ... قين فعاد مضاؤه وجلاؤه
أو ما تراني كيف كنت وكان لي ... من كان أفخر حليتي نعماؤه
عبد الغني أبو جميل وابنه ... وكذا بنوه وهكذا آباؤه
نب أضاء به الوجوه وأشرقت ... في مشمخر علائه ضوضاؤه
هذا القريب من العفاة عطاؤه ... هذا الرحيب بمن ألم فناؤه
ضربت على قلل الفخار قبابه ... وبدا لمشتط الديار سناؤه
إن كان يعرف نائل فنواله ... أو كان يعلم باذخ فعلاؤه
شيخ إذا الملهوف أم بحاجة ... في بابه نشطت لها أعضاؤه
يفدي النزيل بماله وبنفسه ... نفسي ونفس العلمين فداؤه
متنمر إن سيم ضيماً أدميت ... منه البراثن واستشاط إباؤه
فيه من الضرغام شدة بطشه ... ومن المهند بأسه ومضاؤه
رفعت له فوق الكواكب عمة ... وأحاط بالبحر المحيط رداؤه
حدث ولا حرج ولست ببالغ ... ما تستحق لهابه آلاؤه
بهر العقول جميلة وجماله ... وجلاله وكماله وبهاؤه
هذي معاليه فما نظراؤه ... غير النجوم علىً ولا أكفاؤه
تالله لم تظفر يداه بثروة ... إلا ليفتك جوده وسخاؤه
راحت ذوو الحاجات يقتسمونها ... فكأنهم في ماله شركاؤه
وجدانه فقد الثراء لنفسه ... ولغيره أبداً يكون ثراؤه
يمسي ويصبح بالجميل ولم يزل ... يثني عليه صبحه ومساؤه
لله منبلج السنا عن غرة ... لا الصبح منبلجاً ولا أضواؤه
لو تنزل الآيات في أيامه ... أثنى عليه الله جل ثناؤه
ما في الزمان وأهله مثلاً له ... إذ لم تكن كرماءه لؤماؤه
وقف على الصنع الجميل جنابه ... فكأنما هو لو نظرت غذاؤه
وطعامه وشرابه وسماعه ... ومرامه ورجاؤه وصفاؤه
ولربما لمعت بوارق غيثه ... فانهل عارضه وأهرق ماؤه
ولقد تجود بكل نوءٍ مزنة ... جود السحاب تتابعت أنواؤه
إني أؤمل أن أكون بفضله ... ممن يؤمل فضله وعطاؤه
بيت المروءة والأبوة والندى ... ومحله ومكانه ووعاؤه
سبحان من خلق المكارم كلها ... في ذلك البيت الرفيع بناؤه
أصبحت روض الحزن من سقيا الحيا ... راقت محاسنه ورق هواؤه
يسري إليه نسيم أرواح الصبا ... فتصوع في نفحاتها أرجاؤه
يمري عليها الري كل عشية ... وتجودها من صيب أنداؤه
عهد الربيع بفصله وبفصله ... أبداً يمر خريفه وشتاؤه
ما زال يوليني الجميل تكرماً ... مولى علي من الفروض ولاؤه
وكأنما أصطبح المدامة شاعر ... بمديحه فقريضة صهباؤه
فالله يبقي المكرمات وهاهما ... متلازمان بقاؤها وبقاؤه
وله:
أرى هذي النياق لها حنين ... إلى إلف لها ولها رغاء