سبحان من وهب المحاسن من يشا ... سبحانه من خالق ومصور
يا كاعباً تحمي بصارم أنفها ... من كل صاد ورد ماء الكوثر
شهد الرضاب وفيه خمر مسكر ... فالثم ولا حرج بذاك المسكر
كلمتها من بعد تكليم الحشا ... يا هند إن لم تسمحي لم أصبر
لا تتلفي بالصد مهجة مغرم ... فيصيب قومك سطوة من قسور
من فيصل ملك الجزيرة من سما ... للمجد حتى حل فوق المشتري
نصر الهدى وحوى الشجاعة والندى ... ليث وغيث للمقل المعسر
أضحى بخير أرومة لو رامها ... ذو همة بتطاول لم يقدر
كفاه كف قد كفت أعداءه ... والراحة الأخرى كمزن ممطر
أعراقه طابت فطاب فروعها ... تعزى إذا نسيت لأطيب عنصر
من عصبة صبروا على نصر الهدى ... وأذى العدى أكرم بهم من معشر
آووا إمام المسلمين محمداً ... لما جفاه رئيس آل معمر
فدعا إلى التوحيد ضلال الورى ... جهراً ولولا منعهم لم يجهر
وحموه من أعدائه بسيوفهم ... مع ضعفهم وكفى بها من مفخر
ما هالهم جمع الخوالد إذ اتى ... بمدافع في فيلق مع عرعر
بل صابروه بنية وبحسبة ... حتى تولى كالجهام المدبر
وكذاك ما بالوا بتهديد أتى ... من صاحب الحرم الشريف الحيدري
قاموا وما بالوا بلومة لائم ... من مرجف ومخوف ومحذر
بل هدموا أوثان شرك عظمت ... ونهو عن الأمر الشنيع المنكر
شنوا على أهل القرى غاراتهم ... وعلى البوادي في الخلاء المقفر
حتى صفت لهم الجزيرة واجتنبوا ... للعز من ورق الحديد الأخضر
وبنوا مفاخر جمة مشهورة ... شهد العدو بها ولما تنكر
ولقد حظي هذا الإمام ونسله ... من ذاك بالحظ الوفي الأوفر
مازال يقفو الأثر من أسلافه ... بالنصر للشرع الأعز الأطهر
أفلا ترى أعلامه مشهورة ... للغزو بين سرية أو عسكر
فيغير في غور البلاد ونجدها ... فوق النجائب والجياد الضمر
حتى أعز به المهيمن دينه ... وأذل كل معاند متجبر
وانقادت الأعراب بعد عتوها ... بالسمر والبيض الخفاف البتر
لازال محفوظ الجناب مؤيدا ... بالنصر والفتح المبين الأكبر
وعلى النبي وآله وصحابه ... أزكى صلاة مثل نفح العنبر
تترى مدى الأيام ما هب الصبا ... سحراً على الروض الأنيق المزهر
وقال رحمه الله تعالى مهنئاً للإمام بظفره بوقعة الطبعة على العجمان وذلك في سنة ١٢٧٧:
لك الحمد اللهم يا خير ناصر ... لدين الهدى ما لاح نجم لناظر
وما انفلق الإصباح من مطلع الصبا ... فجلى وجلى حالكات الدياجر
لك الحمد ما هب النسيم من الصبا ... وما انهل ودق المعصرات المواطر
على الفتح والنصر العزيز الذي سما ... فقرت به منا جميع النواظر
وإظهار دين قد وعدت ظهوره ... على الدين طراً في جميع الجزائر
وعدت فأنجزت الوعود ولم تزل ... معزاً لأرباب التقى والبصائر
لك الحمد مولانا على نصر حزبنا ... على كل باغ في البلاد وفاجر
ومن بعد حمد الله جل ثناؤه ... على نعم لم يحصها عد حاصر
نقول لأعداء بنا قد تربصوا ... عليكم أديرت سيئات الدوائر
ألم تنظروا ما أوقع الله بنا ... بعجمانكم أهل الجدود العواثر
بأول هذا العام ثم بعجزه ... بأيام شهر الصوم إحدى الفواقر
هم بدلوا النعماء كفراً وجاهروا ... بظلم وعدوان وفعل الكبائر
فكم نعمة نالوا وعز ورفعة ... على كل باد في الفلاة وحاضر
إذا وردوا الإحساء يرعون خصبها ... وفي برها نبت الرياض الزواهر
وكم أحسن الوالي إليهم ببذله ... وبالصفح عنهم في السنين الغوابر
وكم نعمة أسدى لهم بعد نعمة ... ولكنه أسدى إلى غير شاكر
"ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاقي كما لاقى مجير أم عامر"
لقد بطروا بالمال والعز فاجتروا ... على حرمة الوالي بفعل المناكر
فمدوا يد الآمال للملك واقتفوا ... لكل خبيث ناكث العهد غادر