وأبدوا لأهل الضغن ما في نفوسهم ... من الحقد والبغضا وخبث السرائر
هموا حاولوا الأحسا ومن دون نيلها ... زوال الطلى ضرباً وقطع الحناجر
فعاجلهم عزم الإمام بفيلق ... رماهم به مثل الليوث الخوادر
وقدم فيهم نجله يخفق اللوا ... عليه وفي يمناه أيمن طائر
فأقبل من نجد بخيل سوابق ... ترى الأكم منها سجداً للحوافر
فوافق في الوفرى جموعاً توافرت ... من البدو أمثال البحار الزواخر
سبيعاً وجيشاً من مطير عرمرماً ... ومن آل قحطان جموع الهواجر
ولا تنس جمع الخالدين فإنهم ... قبائل شتى من عقيل وعامر
فسار بموار من الجيش أظلمت ... له الأفق من نقع هنالك ثائر
فصبح أصحاب المفاسد جهرة ... بسمر القنا والمرهقات البواتر
بكاظمة حيث التقى جيش خالد ... بهرمز نقلٌ جاءنا بالتواتر
فلما أتى الجهراء ضاقت بجيشه ... وجالت بها الفرسان بين العساكر
فولى العدى الأدبار إذ عاينوا الردى ... بطعن وضرب بالظبي والخناجر
فما اعتصموا إلا بلجة مزبد ... من البحر يعلو موجه غير جازر
فغادرهم في البحر للحوت طعماً ... وقتلى لسرحان ونمر وطائر
تفاءلت بالجبران والعز إذ أتى ... بشيراً لنا عبد العزيز بن جابر
فواهاً لها من وقعة عبقرية ... تشيب لرؤياها نواصي الأصاغر
بها يسمر الساري إذا جد في السرى ... ويخطب من يعلو رؤوس المنابر
نفوه بمدح الإمام ونجله ... ومعشره أهل العلى والمفاخر
كفاه من المجد المؤثل ما انتمى ... إليه من العليا وطيب العناصر
فشكراً إمام المسلمين لما جرى ... وهل تثبت النعماء إلا لشاكر
فهنيت بالعبدين بالفتح قبله ... وعيد كمال الصوم إحدى الشعائر
وشكر الأيادي بالتواصي وبالتقى ... بترك المناهي وامتثال الأوامر
صبرت فنلت النصر بالصبر والمنى ... "وما انقادت الآمال إلا لصابر"
فدونك من أصداف بحري لآلئاً ... إلى نظمها لا يهتدي كل شاعر
وبكراً عروساً أبرزت من خبائها ... شبيهة غزلان اللواء النوافر
إلى حسنها يصبو وينشد ذو الحجا ... لك الخير حدثني بظبية عامر
واختم نظمي بالصلاة مسلماً ... على من إليه الحكم عند التشاجر
محمد المختار والآل بعده ... وأصحابه الغز الكرام الأكابر
مدى الدهر والأزمان ما قال قائل ... لك الحمد اللهم يا خير ناصر
وقال مادحاً الإمام عبد الله بن فيصل بعد وفاة والده رحمه الله. وذلك سنة ١٢٨٣:
أتقبل عذر الصب أم أنت عاذله ... بذكر حبيب منه شطت منازله
غزال حوى كل المحاسن وإلبها ... يغازلني بعد العشا وأغازله
غزال كأن الشمس غرة وجهه ... فأنى يبين البدر حين تقابله
نأت فنأى عن صبها كل عاذل ... فيا ليتنا تدنو وتدنو عواذله
فمن لعذول لا يزال بجهله ... يجادلني في حبها وأجادله
وما أنا إلا كالفتى في عقاله ... فلا أثر تبديه فيه عوامله
وقد أصبحت سلمى بأبعد شقة ... يكل بها كوم المطي وهازله
تميمة حلت بتيما ودونها ... من الجبل الطائي قفار وحائله
فعن مثلها فاثن العنان ميمماً ... مليكاً كريماً يخيم قط سائله
إله السما والأرض فاسأله راغباً ... تنل كلما ترجو وما أنت آمله
فنشكوا إلى الله الزمان الذي استوى ... لدى أهله قس الكلام وباقله
به اندرست كل العلوم وأقفرت ... فأنكر فضل العلم بالعلم جاهله
وقائلة أقصر فما بعد فيصل ... لذي أدب حظ فماذا تحاوله؟
أترغب في نظم القريض وجسمهُ ... موارى بقبر غيبته جنادله؟
فقلت دعيني إن يكن مات فيصل ... فخالقهُ حيٌ وما مات نائله
فقد ورث المجد المؤثل والندى ... بنجب زكت أخلاقه وشمائله
أبو النجم عبد الله حامي حمى الهدى ... بغرته بشرى الندى ومخائله
بنجد حثى المال الجزيل تبرعاً ... فعاشت به أيتامه وأرامله
وكم غارة شعواء شنّ على العدى ... وكم فارس منهم نعته حلائله